فَقَالُوا نعم قَالَ فَلَا إِذن فَلَو لم يكن نقصانه باليبس عِلّة فِي الْمَنْع من البيع لم يكن للتقرير عَلَيْهِ فَائِدَة وَهَذَا يدل على الْعلَّة أَيْضا من حَيْثُ الْجَواب بِالْفَاءِ
وَمِنْهَا أَن يُقرر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حكم مَا يشبه الْمَسْئُول عَنهُ وينبه على وَجه الشّبَه فَيعلم أَن وَجه الشّبَه هُوَ الْعلَّة فِي ذَلِك الحكم كَقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر رَضِي الله عَنهُ وَقد سَأَلَهُ عَن قبْلَة الصَّائِم أَرَأَيْت لَو تمضمضت بِمَاء ثمَّ محجته فَعلم أَنه لم يفْسد الصَّوْم بالمضمضة والقبلة لِأَنَّهُ لم يحصل مَا يتبعهما من الْإِنْزَال والازدراء
وَمِنْهَا أَن يفرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين شَيْئَيْنِ فِي الحكم بِذكر صفة فَيعلم أَنه لَو لم تكن تِلْكَ الصّفة عِلّة لم يكن لذكرها معنى وَهَذَا ضَرْبَان أَحدهمَا أَن لَا يكون حكم أَحدهمَا مَذْكُورا فِي الْخطاب وَالْآخر أَن يكون حكمهمَا مَذْكُورا فِيهِ أما الأول فَقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَاتِل لَا يَرث وَذَلِكَ أَنه قد تقدم بِبَيَان إِرْث الْوَرَثَة فَلَمَّا قَالَ الْقَاتِل لَا يَرث وَفرق بَينه وَبَين جَمِيع الْوَرَثَة بِذكر الْقَتْل الَّذِي يجوز كَونه مؤثرا فِي نفي الْإِرْث علمنَا أَنه الْعلَّة فِي نفي الْإِرْث وَكَقَوْلِه عَلَيْهِ السَّلَام لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان لِأَنَّهُ قد تقدم أَمر القَاضِي بِأَن يقْضِي فاذا منع من ان يقْضِي وَهُوَ غَضْبَان علمنَا أَن الْغَضَب عِلّة فِي الْمَنْع سِيمَا وَقد علمنَا أَن الْغَضَب بِمَنْع من الْوُقُوف على الْحجَّة وَيمْنَع من الِاسْتِيفَاء وَأما إِذا كَانَ حكم الشَّيْئَيْنِ مَذْكُورا فِي الْخطاب فضروب
مِنْهَا أَن يفرق بَينهمَا بِلَفْظ يجْرِي مجْرى الشَّرْط كَقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاذا اخْتلف الجنسان فبيعوا كَيفَ شِئْتُم يدا بيد بعد نَهْيه عَن بيع الْبر مُتَفَاضلا فَدلَّ على أَن اخْتِلَاف الجنسين عِلّة فِي جَوَاز البيع
وَمِنْهَا أَن تقع التَّفْرِقَة بَينهمَا بالغاية كَقَوْلِه عز وَجل {وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} فَلَو اقْتصر على ذَلِك لدل على تعلق الْإِبَاحَة بِالطُّهْرِ وَإِلَّا لم