وَمِنْهَا أَنه لَو كَانَ متعبدا بِالِاجْتِهَادِ لاظهره الْجَواب إِنَّه لَا يمْتَنع ان يكون من الْمصلحَة إِظْهَاره
وَمِنْهَا أَنه لَو تعبد بِالِاجْتِهَادِ لما توقف على الْوَحْي الْجَواب إِنَّه لَيْسَ معنى أَن توقف فِي كل الْأَحْكَام على الْوَحْي فاذا ثَبت ذَلِك فَكل مَا تعبدنا فِيهِ بِالِاجْتِهَادِ الشَّرْعِيّ فَيجوز أَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعبد بِهِ وَيجوز أَن يكون قد نصب لَهُ دَلِيل يَخُصُّهُ وَأما الِاجْتِهَاد فِي أَخْبَار الْآحَاد فيتأتى فِينَا دونه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِيمَن عاصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل كَانَ متعبدا بِالْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَاد أم لَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
أما من عاصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله فِي الشَّرْح أَن أَكثر الذاهبين إِلَى الِاجْتِهَاد قَالُوا كَانَ متعبدا بذلك والأقلون منعُوا وَحكى أَن أَبَا عَليّ رَحمَه الله قَالَ لَا أَدْرِي هَل كَانَ من عاصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متعبدا بِأَن يجْتَهد أم لَا لِأَن خبر معَاذ من أَخْبَار الْآحَاد وَلم يقطع قَاضِي الْقُضَاة على وُرُود التَّعَبُّد بذلك لمن حضر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن مَا يروي فِي ذَلِك أَخْبَار آحَاد وَقطع على أَن من غَابَ عَنهُ مِمَّن عاصره متعبد بذلك لِأَن خبر معَاذ عِنْده ثَابت لتلقي الامة لَهُ بِالْقبُولِ وَظَاهر أَنه لم يكن عَادَة الْحَاضِرين عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الِاجْتِهَاد لِأَنَّهُ لَو كَانَ ذَلِك عَادَة لَهُم لظهر لَهُم ذَلِك عَنْهُم كَمَا أَنه لم يكن عَادَتهم طلب الحكم من التَّوْرَاة وَيجوز أَن يكون الْوَاحِد والاثنان قد أذن لَهما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يجتهدا بِحَضْرَتِهِ لِأَن خبر عَمْرو بن الْعَاصِ يجوز صِحَّته فَأَما من غَابَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيجوز أَن يكون متعبدا بِالِاجْتِهَادِ أَيْضا إِلَّا أَن الْأَمر فِيهِ أظهر مِمَّن حَضَره لِأَن خبر معَاذ أظهر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي الْقيَاس هَل هُوَ مَأْمُور بِهِ وَدين أم لَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
أما كَونه مَأْمُورا بِهِ بِمَعْنى أَن الله عز وَجل بعثنَا على فعله بالأدلة