المعتمد (صفحة 66)

يَقْتَضِي إِلَّا كَونه ندبا لم يكن فِي هَذَا الْكَلَام فَائِدَة لِأَن السِّوَاك قد كَانَ ندبا قبل هَذَا الْكَلَام وَلقَائِل أَن يَقُول إِن هَذَا الْوَجْه أَمارَة على انه أَرَادَ لأمرتهم على وَجه يَقْتَضِي الْوُجُوب وَلَيْسَ يمْتَنع أَن يَقْتَضِي الْأَمر الْوُجُوب بِدلَالَة

دَلِيل آخر رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ فَلم يجبهُ لِأَنَّهُ كَانَ فِي الصَّلَاة فَقَالَ مَا مَنعك ان تَسْتَجِيب وَقد سَمِعت قَول الله سُبْحَانَهُ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ} الْآيَة فلامه على ترك الاستجابة مَعَ أَن الله سُبْحَانَهُ أَمر بهَا فَدلَّ على أَن الْأَمر على الْوُجُوب فان قيل إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يلمه وَلكنه أَرَادَ أَن يبين أَنه لَا يقبح الاستجابة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دَعَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي وَأَن دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُخَالف لدعاء غَيره وَالْجَوَاب أَن ظَاهر الْكَلَام يَقْتَضِي اللوم وَهُوَ فِي معنى الْإِخْبَار عَن نفي الْعذر وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا وَالْأَمر على الْوُجُوب

دَلِيل آخر وَقد اسْتدلَّ على ذَلِك بِالْإِجْمَاع من وُجُوه

مِنْهَا أَن الْأمة اتّفقت على وجوب طَاعَة الله وَرَسُوله وامتثال أوامرهما طَاعَة لَهما فَكَانَ وَاجِبا وَلقَائِل أَن يَقُول المُرَاد بِطَاعَة الله وَطَاعَة رَسُوله التَّصْدِيق لَهما وامتثال مَا أوجبا دون مَا لم يوجباه من النَّوَافِل وَمَا ثَبت من كَون النَّوَافِل مَأْمُور بهَا وفاعلها يكون مُطيعًا وَلَا يجب عَلَيْهِ لَا يدل على أَن المُرَاد بِوُجُوب طَاعَة الله وَرَسُوله مَا ذَكرْنَاهُ

وَمِنْهَا أَن الْمُسلمين كَانُوا يرجعُونَ إِلَى كتاب الله وَسنة رَسُوله فِي الْأَحْكَام وَلم يسئلوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بعض أوامره مَا الَّذِي عناه بِهِ وَقد أُجِيب عَن ذَلِك بِأَنَّهُم إِنَّمَا رجعُوا إِلَيْهِمَا لِأَن الْأَحْكَام تثبت بِالْإِيجَابِ وبالندب وَالْوُجُوب يثبت بِغَيْر الْأَمر مِمَّا هُوَ فِي الْكتاب وَالسّنة نَحْو الزّجر والتهديد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015