المعتمد (صفحة 649)

وَقد اسْتدلَّ بِهَذِهِ الدّلَالَة من وَجه آخر وَهُوَ أَن السّلف رجعُوا فِي أَحْكَام الْحَوَادِث إِلَى الشَّرْع فَعلمنَا أَن طريقها الشَّرْع دون الْعقل فاذا لم يكن فِيهَا نَص وَلَا إِجْمَاع فطريقها إِذا الْقيَاس وَلقَائِل أَن يَقُول إِن أردتم بِهَذَا الْكَلَام الْمسَائِل الَّتِي دارت بَين الصَّحَابَة وبينتم أَنهم لم يستدلوا فِيهَا بِالْعقلِ وَلَا بِالْكتاب وَالسّنة وَأَنه لَيْسَ بعد ذَلِك إِلَّا أَنهم استدلوا عَلَيْهَا بِالْقِيَاسِ فَهَذَا اسْتِدْلَال بِإِجْمَاع السّلف وَقد تقدم وَإِن أردتم أَن السّلف لما طلبُوا حكم بعض الْمسَائِل من الشَّرْع وَجب أَن نطلب حكم جَمِيع الْحَوَادِث من الشَّرْع فَقَط قيل لكم وَلم يجب ذَلِك أَو لَسْتُم وغيركم من مخالفيكم تستدلون فِي كثير من الْمسَائِل بِالْبَقَاءِ على حكم الْعقل فان قُلْتُمْ لَو لم يكن الْقيَاس صَحِيحا لعدلوا فِي الْحَوَادِث الْحَادِثَة فِيمَا بَينهم الَّتِي لَا نَص فِيهَا إِلَى حكم الْعقل فَلَمَّا لم يَفْعَلُوا ذَلِك علمنَا أَنهم عدلوا إِلَى الْقيَاس قيل لكم هَذَا رُجُوع إِلَى استدلالكم الأول وَهُوَ قَوْلكُم إِنَّمَا حكمُوا فِي الْمسَائِل بِأَحْكَام لَا وَجه لما حكمُوا بِهِ إِلَّا الْقيَاس

وَاحْتج الْمُخَالف بأَشْيَاء

مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} وَبِقَوْلِهِ {وَأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ} وَبِقَوْلِهِ {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} وَبِقَوْلِهِ {وَلَا تَقولُوا لما تصف أَلْسِنَتكُم الْكَذِب هَذَا حَلَال وَهَذَا حرَام} قَالُوا وَالْحكم بِالْقِيَاسِ تقدم بَين يَدي الله وَرَسُوله لِأَنَّهُ حكم بِغَيْر قَوْلهمَا وَقَول على الله بِمَا لَا نعلم وَوصف الشَّيْء بِأَنَّهُ حَلَال وَحرَام وَلَا نَأْمَن كَونه كذبا وَبِقَوْلِهِ {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015