أَعْطَيْت الْإِخْوَة للْأُم وَنحن قد شاركناهم فِي ولادَة الْأُم وزدنا عَلَيْهِم بِالْأَبِ فان لم ينفعنا ذَلِك لم يجز أَن يضرنا وَلَيْسَ يجوز أَن يكون أَعْطَاهُم لدخولهم تَحت الظَّاهِر وَهُوَ قَوْله {فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث} لِأَن الْخطاب انْصَرف إِلَى الاخوة للْأُم فَقَط أَلا ترى إِلَى قَوْله تَعَالَى {فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث}
دَلِيل آخر ظَاهر عَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا بِالرَّأْيِ وَذَلِكَ لَا يُمكن دَفعه كَقَوْل أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَقُول فِيهَا برأيي وَقَول عمر اقضي برأيي فِيهِ وَقَالَ هَذَا مَا رأى عمر وَقَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أم الْوَلَد كَانَ رَأْيِي ورأي عمر أَن لَا يبعن ثمَّ رَأَيْت ببيعهن وَقَالَ ابْن مَسْعُود فِي قصَّة بروع بنت واشق أَقُول فِيهَا برأيي وَقَوْلنَا رَأْي عبارَة عَن اعْتِقَاد أَو ظن فان توصل إِلَيْهِمَا بِاعْتِبَار واستنباط إِمَّا بِدلَالَة عقلية أَو امارة فَلَا شُبْهَة فِي وُقُوع اسْم الرَّأْي عَلَيْهِمَا فانه يُقَال فلَان رَأْيه الْعدْل وَفُلَان من رَأْيه الْقدر وَإِن توصل إِلَيْهِمَا بِنَصّ جلي أَو خَفِي فوقوع اسْم الرَّأْي عَلَيْهِمَا مشتبه وَالْأَقْرَب أَنه يجوز أَن يَقع عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع أحد من أَن يَقُول إِن تَحْرِيم الْميتَة يرَاهُ الْمُسلمُونَ وَهُوَ رَأْيهمْ وَيمْتَنع أَن يَقُول هُوَ من رَأْيهمْ لِأَنَّهُ يُوهم أَنهم حرموها برأيهم فَأَما قَول الْقَائِل قلت هَذَا برأيي فَلَا يعقل مِنْهُ أَنه قَالَه بِنَصّ لَا جلي وَلَا خَفِي وَإِنَّمَا يفهم مِنْهُ أَنه قَالَه استنباطا واستخراجا بِمَا يرَاهُ من الأمارات والأدلة الَّتِي لَيست بِنَصّ جلي وَلَا خَفِي وَلِهَذَا لَا يُقَال إِن الْمُسلمين حرمُوا الْميتَة برأيهم وَلَا يُقَال إِن ابا حنيفَة اثْبتْ الرِّبَا فِي السِّتَّة الْأَجْنَاس بِرَأْيهِ وَيُقَال إِنَّه أثبت الرِّبَا فِيمَا عَداهَا بِرَأْيهِ وَلَا يُقَال فِي الْجَيْش إِذا اطاعوا الإِمَام فِي رَأْي إِنَّهُم فاعلون ذَلِك بأرائهم وَلذَلِك لَا تُوصَف آراؤهم بالسداد إِذا كَانَ رَأْي الإِمَام سديدا واتبعوه فِيهِ من غير فحص وَيُقَال