يحدث فقلتم إِن لَفْظَة افْعَل مَوْضُوعَة لارادة أَن يفعل وَلم يعقلوا قَوْلنَا إِنَّهَا مَوْضُوعَة لِأَن نَفْعل اعقلوا عَنَّا فِي الصِّيغَة مَا عقلتموه عَن أَنفسكُم فِي الارادة فان قَالُوا إِرَادَة أَن يفعل مَعْنَاهُ أَنَّهَا إِرَادَة للحدوث فَقولُوا إِن الْأَمر مُتَعَلق بالحدوث قيل كَذَلِك نقُول إِن الْأَمر طلب للحدوث وَلَيْسَ من مذهبكم أَن الارادة مُتَعَلقَة بالحدوث كَمَا لَيْسَ من مذهبكم أَن الْعلم مُتَعَلق بالحدوث وَإِنَّمَا تَقولُونَ إِن الارادة مُتَعَلقَة بِالْفِعْلِ على وَجه الْحُدُوث وَهُوَ معنى قَوْلكُم إِرَادَة للْفِعْل أَن يحدث فان قَالُوا فَلم إِذا كَانَت لَفْظَة افْعَل تَقْتَضِي أَن يفعل الْمَأْمُور الْفِعْل كَانَت تَقْتَضِي أَن يَفْعَله لَا محَالة قيل لِأَن لَا يفعل الْمَأْمُور الْفِعْل هُوَ نقيض أَن يفعل واللفظة إِذا وضعت لشَيْء فانها تمنع من نقيضه أَلا ترى أَن قَول الْقَائِل زيد فِي الدَّار لما أَفَادَ حُصُوله فِيهَا منع من نقيضه وَهُوَ أَن لَا يكون فِيهَا وَلم يجز أَن يكون قَوْله زيد فِي الدَّار وَمَعْنَاهُ الأولى أَن يكون فِيهَا فَكَذَلِك لَفْظَة افْعَل وَهَذَا هُوَ الْوُجُوب
وَيدل على أَن لَفْظَة افْعَل تمنع من الْإِخْلَال بِالْفِعْلِ أَن اهل اللُّغَة يَقُولُونَ أَمرتك فعصيتني وَقلت لَك افْعَل فعصيتني وَقَالَ الله عز وَجل {أفعصيت أَمْرِي} وَقَالَ الشَّاعِر
... أَمرتك امرا حازما فعصيتني ... فَأَصْبَحت مسلوب الْإِمَارَة نَادِما فعقب الْمعْصِيَة ... على الْأَمر بِلَفْظ الْفَاء فَدلَّ على أَن الْمعْصِيَة إِنَّمَا لَزِمت المامور لأجل إخلاله بِمَا أَمر بِهِ وَأَن لتقدم الْأَمر فِي اسْتِحْقَاق هَذَا الِاسْم تَأْثِيرا كَمَا أَن قَوْلهم إِذا دخل زيد الدَّار فأعطه درهما يُفِيد أَن لتقدم الدُّخُول تَأْثِيرا فِي اسْتِحْقَاق الْعَطِيَّة وَمَعْلُوم أَن الانسان إِنَّمَا يكون عَاصِيا للْآمِر وَالْأَمر إِذا أقدم على مَا يحظره الْآمِر وَيمْنَع مِنْهُ أَلا ترى أَن الله لَو أوجب علينا فعلا فَلم نفعله لَكنا عصاة وَلَو ندبنا إِلَيْهِ فَقَالَ الأولى أَن تفعلوه وَلكم أَن لَا