المعتمد (صفحة 497)

قَوْله إِن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ بِنَبِي فَمَعْنَاه أَنه فَاعل لخَبر مخبره على خلاف مَا هُوَ بِهِ وَأَيْضًا فَظَاهر من الْيَهُود العناد وَالتَّقْصِير فِي النّظر فهم مقدمون على هَذَا الْخَبَر مَعَ خوفهم أَن يَكُونُوا كاذبين فوصفوا بِأَنَّهُم كاذبون على طَرِيق الذَّم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي الْأَخْبَار الَّتِي يعلم صدقهَا وَالَّتِي يعلم كذبهَا وَالَّتِي لَا يعلم كلا الْأَمريْنِ من حَالهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

الْأَخْبَار مِنْهَا مَا يعلم سامعها صدقهَا وَمِنْهَا مَا لَا يعلم صدقهَا أما الَّتِي لَا يعلم صدقهَا إِمَّا أَن يعلم كذبهَا أَو لَا يعلم كذبهَا وَلَا صدقهَا وَالَّتِي يعلم صدقهَا إِمَّا أَن يُعلمهُ بِأَمْر مُنْفَصِل عَنْهَا أَو غير مُنْفَصِل عَنْهَا فَالْأول إِمَّا أَن يكون إِخْبَارًا عَمَّا يعلم صِحَّته ضَرُورَة بالإدراك أَو غَيره كالإخبار بعلو السَّمَاء على الأَرْض وَبِأَن الْعشْرَة أَكثر من الْخَمْسَة وَإِمَّا أَن يكون إِخْبَارًا عَمَّا يعلم صِحَّته بالاستدلال بِالْعقلِ وبالسمع كالخبر عَن حِكْمَة الله سُبْحَانَهُ وَهُوَ وجوب الصَّلَاة وَغير ذَلِك وَأما الَّتِي يعلم صدقهَا بِمَا يتَّصل بالْخبر وَيتَعَلَّق بِهِ فإمَّا أَن يرجع إِلَى أَحْوَال الْمخبر أَو إِلَى أَحْوَال السَّامع

فالاول ضَرْبَان أَحدهمَا أَن يكون الْمخبر لَا يجوز عَلَيْهِ الْكَذِب أصلا وَالْآخر لَا يجوز كَونه كَاذِبًا فِي ذَلِك الْخَبَر وَإِن جَازَ ان يكذب فِي غَيره فَالْأول أَن يكون الْمخبر حكيما إِمَّا لعلمه وغناه وَإِمَّا لِأَنَّهُ عصم من الْكَذِب إِمَّا لدلَالَة المعجزات وَإِمَّا لشهادة الله وَرَسُوله بذلك كالامة وَأما الْمخبر الَّذِي يجوز عَلَيْهِ الْكَذِب فِي غير ذَلِك الْخَبَر فانما نعلم صدقه فِي الْخَبَر إِذا لم يكن لَهُ دَاع إِلَى الْكَذِب وَلَا يجوز أَن يشْتَبه عَلَيْهِ الْمخبر عَنهُ وَإِنَّمَا نعلم أَنه لَا دَاعِي لَهُ إِلَى الْكَذِب إِذا كَانَ المخبرون كَثْرَة يمْتَنع مَعهَا أَن ينظمهم دَاع وَاحِد إِلَى الْكَذِب اتِّفَاقًا أَو تواطؤا

وَأما الرَّاجِع إِلَى السَّامع فإمَّا أَن يرجع إِلَى إِمْسَاكه عَن النكير أَو إِلَى مصيره إِلَى الْخَبَر أما الأول فبأن يخبر الْمخبر بِحَضْرَة من يَدعِي عَلَيْهِ الْعلم بصدقه فَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015