وَدَلِيل الْأَوَّلين أَن أَدِلَّة الْإِجْمَاع لَا تتناولهم إِذا خرج عَنْهُم الْوَاحِد لِأَن قَوْله تَعَالَى {وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ} لَا يتَنَاوَل إِلَّا جَمِيع أهل الْعَصْر على قَول من قَالَ إِن لَام الْجِنْس تعم وَمن قَالَ لَا تعم فانه لَا يُوجب استغراقها للْأَكْثَر حَتَّى لَا يبْقى إِلَّا الْوَاحِد والاثنان بل يَجْعَلهَا حَقِيقَة فِي الثَّلَاثَة والمخالف لَا يَجْعَل قَول الثَّلَاثَة حجَّة وَقَوله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} وَقَوله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَجْتَمِع أمتِي على ضلال يتَنَاوَل جَمِيع أهل الْعَصْر لِأَن أَكْثَرهم يُقَال لَهُم بعض الْأمة وَلَا يُطلق وَصفهم بِأَنَّهُم الْأمة وَأَيْضًا فَفِي الصَّحَابَة من تفرد بأقاويل لم توافقه عَلَيْهَا الْجَمَاعَة وَلم تنكر عَلَيْهِ كتفرد ابْن عَبَّاس بمسائل فِي الْفَرَائِض وَكَذَلِكَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا
وَاحْتج الْمُخَالف بأَشْيَاء
مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ} وَقَوله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} وَقَوله تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام لَا تَجْتَمِع أمتِي على ضلال قَالُوا وَهَذِه الْأَسْمَاء تتَنَاوَل حَقِيقَة جَمِيع الْمُؤمنِينَ وَجَمَاعَة الْأمة وَإِن شَذَّ مِنْهُم الْوَاحِد كَمَا أَن الْإِنْسَان يَقُول رايت بقرة سَوْدَاء وَإِن كَانَ فِيهَا شَعرَات بيض وَيَقُول أكلت رمانة وَإِن سقط مِنْهَا حبات لم يأكلها وَالْجَوَاب أَن أَسمَاء الْجمل والعموم لَا تتَنَاوَل الْأَكْثَر إِلَّا مجَازًا أَلا ترى أَنه يجوز أَن يُقَال فِي الْأمة إِلَّا الْوَاحِد لَيْسَ هَؤُلَاءِ كل الْمُؤمنِينَ وَلَا كل الْأمة فَعلمنَا أَن اسْم الْكل لم يتَنَاوَل إِلَّا الْجَمِيع وَقَول الْإِنْسَان أكلت الرمانة وَهُوَ يُرِيد أَكْثَرهَا مجَاز وَكَذَلِكَ الْوَصْف للبقرة بِالسَّوَادِ إِذا كَانَ فِيهَا شَعرَات بيض وَلَا يمْتَنع أَيْضا أَن يكون الْوَصْف للبقرة بِالسَّوَادِ يُفِيد فِي الْعرف كَونهَا سَوْدَاء فِي