غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ وَأَيْضًا فالمفهوم فِي قَول الْقَائِل لَا تتبع غير سَبِيل الصَّالِحين اتبع سبيلهم
فان قَالُوا إِنَّمَا فهم ذَلِك لِأَن اسْم الصَّالِحين مدح قيل لَهُم وَكَذَلِكَ اسْم الْمُؤمنِينَ فَيجب أَن يفهم من قَوْله وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ إِيجَاب اتِّبَاع سَبِيل الْمُؤمنِينَ
إِن قيل قَوْله وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ مَعْنَاهُ وَيتبع سَبِيلا غير سبيلهم وَهَذَا يَقْتَضِي سَبِيلا وَاحِدَة قيل فَيجب أَن يحرم اتِّبَاع هَذِه السَّبِيل لِأَنَّهَا غير سبيلهم والمخالف لَا يحرم ذَلِك على أَن قَوْله غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ إِن أَفَادَ اتِّبَاع غير سبيلهم فَهُوَ عَام فِي كل سَبِيل كَانَ مَوْصُوفا بِأَنَّهُ غير سبيلهم كَمَا أَن الْإِنْسَان إِذا قَالَ من دخل غير دَاري ضَربته فهم مِنْهُ كل دَار غير دَاره
إِن قيل السَّبِيل هُوَ الطَّرِيق دون القَوْل وَالْفَتْوَى فَيجب أَن يدْخل فِي ذَلِك مَا استطرقوه دون الْفَتْوَى قيل الْمَعْلُوم أَنه لم يرد مَا استطرقوه من الطّرق الَّتِي يَمْشُونَ فِيهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ يحرم على الْإِنْسَان أَن يمشي فِي طَرِيق لَا يَمْشُونَ فِيهِ فان كَانَ المُرَاد بذلك مَا استطرقوه فِي الْأَدِلَّة فَيجب مَا اعتقدوه دَلِيلا أَن يكون دَلِيلا والمخالف لَا يُوجب ذَلِك على أَن مَا اجتباه الْإِنْسَان لنَفسِهِ وَتمسك بِهِ يُقَال إِنَّه سَبيله سَوَاء كَانَ دَلِيلا أَو غَيره لِأَنَّهُ يُقَال لمن حرم النَّبِيذ إِنَّه لَيْسَ يسْلك سَبِيل ابي حنيفَة وَيُقَال للْإنْسَان اسلك سَبِيل التُّجَّار فيفهم من ذَلِك افْعَل فعلهم فِي زيهم وأخلاقهم وعاداتهم فصح أَن ذَلِك غير مَقْصُور على الْأَدِلَّة
فان قيل المجمعون صَارُوا إِلَى مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ باستدلال واجتهاد فالاجتهاد فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة سبيلهم كَمَا أَن الحكم الَّذِي حكمُوا بِهِ سبيلهم فَلم أوجبتم على من بعدهمْ الْمصير إِلَى مَا حكمُوا بِهِ وأسقطتم عَنهُ الِاجْتِهَاد بِأولى من أَن