الطَّهَارَة نسخا للصَّلَاة وَأَن تكون زِيَادَة التَّغْرِيب نسخا للحد لِأَنَّهُ لَا يجزىء وَحده فَالْكَلَام مترجح على مَا ترى وَأَنا أذكر طَريقَة بَيِّنَة يَزُول مَعهَا كل إِشْكَال فَأَقُول إِن الْكَلَام فِي الزِّيَادَة على النَّص يَقع فِي مَوَاضِع ثَلَاثَة فِي معنى النّسخ وَفِي اسْمه وَفِي حكمه وَلَا رَابِع لذَلِك
أما معنى النّسخ فبأن يُقَال هَل الزِّيَادَة على النَّص تفِيد معنى النّسخ أم لَا وَالْجَوَاب أَنَّهَا تفيده لِأَن معنى النّسخ هُوَ الْإِزَالَة وكل زِيَادَة هِيَ مزيلة لحكم من الْأَحْكَام لِأَنَّهَا إِمَّا أَن تكون زِيَادَة فِي الْوُجُوب أَو فِي النّدب أَو فِي الْإِبَاحَة أَو فِي الْحَظْر فَإِن كَانَت زِيَادَة فِي الْوُجُوب فقد رفعت نفي وجوب تِلْكَ الزِّيَادَة وإزالته نَحْو زِيَادَة التَّغْرِيب فِي الْحَد لِأَنَّهُ لم يكن وَاجِبا ثمَّ صَار وَاجِبا وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الزِّيَادَة على النّدب وعَلى الْإِبَاحَة وعَلى الْحَظْر
وَأما الْكَلَام فِي الِاسْم فبأن يُقَال هَل الزِّيَادَة على النَّص تسمى نسخا أم لَا وَالْجَوَاب أَن الزِّيَادَة الَّتِي كلامنا فِيهَا هِيَ زِيَادَة شَرْعِيَّة فان كَانَت قد ازالت حكما ثَابتا بِدَلِيل شَرْعِي وَكَانَت متراخية عَنهُ سميت الزِّيَادَة نسخا وَيُسمى الدَّلِيل الْمُثبت للزِّيَادَة نَاسِخا وَإِن كَانَ الحكم الَّذِي رفعته الزِّيَادَة حكما ثَابتا فِي الْعقل لَا فِي الشَّرْع لم تسم الزِّيَادَة نسخا على مَا تقدم بَيَانه
وَأما الْكَلَام فِي الحكم فبأن يُقَال هَل يجوز إِثْبَات الزِّيَادَة على النَّص بِخَبَر وَاحِد وَقِيَاس أم لَا وَالْجَوَاب أَنه إِن كَانَ مَا أزالته الزِّيَادَة حكما ثَابتا بِالْعقلِ لَا بِالشَّرْعِ فانه يجوز إثْبَاته بِخَبَر وَاحِد وَقِيَاس إِلَّا أَن يمْنَع من ذَلِك مَانع نَحْو أَن يكون الْبلوى بِمَا أثبتته الزِّيَادَة عَاما فَلَا يقبل فِيهِ خبر وَاحِد على قَول بعض النَّاس أَو يكون حدا أَو كَفَّارَة أَو تَقْديرا فَلَا يثبت بِالْقِيَاسِ على قَول بَعضهم وَلَا يقبل عِنْد هَؤُلَاءِ خبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس فِي ذَلِك لَا للنسخ لَكِن لأمور أخر وَإِن كَانَ الحكم الَّذِي أزالت الزِّيَادَة مثله ثَابتا بِالشَّرْعِ وَكَانَ دَلِيل الزِّيَادَة مُتَأَخِّرًا عَن ذَلِك الشَّرْع فَإِنَّهُ لَا يجوز إِن كَانَ دَلِيل الزِّيَادَة قِيَاسا لِأَن الْقيَاس الْمُتَأَخر لَا يرفع حكم النَّص على مَا مضى وَإِن كَانَ دَلِيل الزِّيَادَة خبر