الزِّيَادَة نسخ لِأَنَّهَا صيرت الْجلد بعض الْحَد الْوَاجِب فعله مَعْنَاهُ إِنَّمَا كَانَت الزِّيَادَة نسخا لِأَنَّهَا زِيَادَة فَمَعْنَى العبارتين وَاحِد وَقد أجِيبُوا فَقيل بِأَن الْكل وَالْبَعْض من أَحْكَام الْعقل دون الشَّرْع فَلم يفد النّسخ وللمخالف أَن يَقُول إِن الْكل وَالْبَعْض فِي الْجُمْلَة يعلمَانِ بِالْعقلِ فَأَما كَون الشَّيْء كل الحكم الشَّرْعِيّ أَو بعضه فانما يعلم بِالشَّرْعِ
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الْجلد قد كَانَ مجزئا وَحده وَالْجَوَاب أَن معنى قَوْلنَا إِنَّه قد صَار غير مَجِيء وَحده هُوَ أَنه يجب ضم شَيْء آخر إِلَيْهِ فَعَاد ذَلِك إِلَى تَعْلِيل الشَّيْء بِنَفسِهِ وَقيل لَهُم أَيْضا إِن زِيَادَة التَّغْرِيب لَو كَانَ نسخا لجَاز أَن يقدر وجوده لَا إِلَى بدل وَهَذَا غير مُمكن هَا هُنَا وَهَذَا لَيْسَ بِجَوَاب عَن كَلَامهم وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِئْنَاف دَلِيل وَهُوَ مَعَ ذَلِك غير صَحِيح لِأَن النّسخ هُوَ الْإِزَالَة ووللخصم أَن يَقُول قد يجوز إِزَالَة أَجزَاء الثَّمَانِينَ لَا إِلَى بدل أصلا وَقد يجوز إِزَالَته إِلَى بدل غير الثَّمَانِينَ وَقد يجوز إِزَالَته بِزِيَادَة على الثَّمَانِينَ وَلَا يجوز إِزَالَته بِالزِّيَادَةِ على الثَّمَانِينَ إِلَى بدل لِأَن قَوْلنَا زِيَادَة على الثَّمَانِينَ إِثْبَات للثمانين فاسقاطها بدل وَالْحَال هَذِه متناقض كَمَا بَينا فِي القَوْل بازالة الْعِبَادَة لَا إِلَى بدل مَعَ ثُبُوت الْمُبدل
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الْجلد وَحده كَانَ يتَعَلَّق بِهِ رد الشَّهَادَة فَلَمَّا زيد التَّغْرِيب صَار لَا يتَعَلَّق بِهِ وَحده وَالْجَوَاب أَن مخالفهم لَا يعلق رد الشَّهَادَة بِالْجلدِ وَلَو تعلق بِهِ لَكَانَ الْأَقْرَب أَن يُقَال إِن زِيَادَة بالتغريب قد تنسخ تعلق رد الشَّهَادَة لَا أَنه نسخ للجلد على أَن هَذَا لَا يلْزم أَيْضا لِأَن رد الشَّهَادَة تعلق بِمَا هُوَ حد فَتغير الْحَد إِلَى زِيَادَة أَو نُقْصَان لم يرفع تَعْلِيق رد الشَّهَادَة بِمَا هُوَ حد كَمَا أَن تغير الْعدة بِزِيَادَة أَو نُقْصَان لَا يرفع تعلق أَحْكَامهَا بهَا وَمَعْلُوم أَن الْفُرُوض لَو كَانَت خمْسا لوقف على ادائها قبُول الشَّهَادَة فَلَو زيد فِيهَا