المعتمد (صفحة 400)

عدولها عَمَّا أَجمعت عَلَيْهِ لأجل النَّص الَّذِي ظَفرت بِهِ نسخا لِأَن الحكم إِذا ثَبت بِشَرْط وَعلم بِالْعقلِ زَوَال ذَلِك الشَّرْط لم يسم رفع الحكم نسخا إِن قيل ايجوز أَن ينْسَخ الله حكما أَجمعت عَلَيْهِ الْأمة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل يجوز ذَلِك وَإِنَّمَا منعنَا أَن تجمع الْأمة بعد وَفَاة النَّبِي لله حَتَّى يكون إجماعها هُوَ الْمُعْتَبر ثمَّ ينْسَخ فَأَما اتفاقها فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأجل توقيفه أَو إِقْرَاره فَالْمُعْتَبر فِيهِ بِتَوْقِيفِهِ وَإِقْرَاره والنسخ يتَوَجَّه إِلَى ذَلِك

وَلَا يجوز نسخ الْإِجْمَاع باجماع لِأَن الْإِجْمَاع الثَّانِي إِن دلّ على أَن الْإِجْمَاع الأول كَانَ بَاطِلا لم يجز ذَلِك وَإِن كَانَ الْإِجْمَاع الأول حِين وَقع وَقع صَحِيحا لَكِن الْإِجْمَاع الثَّانِي حرم القَوْل بِهِ من بعد لم يجز ذَلِك إِلَّا لدَلِيل شَرْعِي متجدد وَقع لأَجله الْإِجْمَاع الثَّانِي من كتاب أَو سنة أَو لدَلِيل كَانَ مَوْجُودا وخفي عَلَيْهِم من قبل ثمَّ ظهر لَهُم وكل ذَلِك قد أفسدناه إِن قيل أَلَيْسَ إِذا اخْتلفت الْأمة على قَوْلَيْنِ فِي المسئلة فقد سوغت بأجمعها للعامي أَن يَأْخُذ بِكُل وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ وسوغت للمجتهد أَن يَأْخُذ بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا إِذا أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَيْهِ فاذا اتّفقت على أحد الْقَوْلَيْنِ كَانَت قد حظرت بأجمعها على الْعَاميّ والمجتهد الْمصير إِلَى القَوْل الآخر فَهَذَا نسخ إِجْمَاع بِإِجْمَاع قيل إنالا نأبى ذَلِك غير أَنا لَا نُسَمِّيه نسخا لِأَن الْأمة حِين اخْتلفت على الْقَوْلَيْنِ إِنَّمَا سوغت للعامي وللمجتهد الْأَخْذ بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا بِشَرْط بَقَاء الْخلاف وَكَون الْمَسْأَلَة من مسَائِل الِاجْتِهَاد وَهَذَا الشَّرْط مَعْلُوم زَوَاله بِالْعقلِ مَتى اتّفقت الْأمة على أحد الْقَوْلَيْنِ وَمَا هَذِه سَبيله لَا يكون نسخا أَلا ترى أَن الله عز وَجل لما قَالَ {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} فعلق الصَّوْم بغاية يعلم حُصُولهَا بالحس وبالعقل لم يكن ارْتِفَاع الصَّوْم عِنْد ذَلِك نسخا

وَلَا يجوز نسخ الْإِجْمَاع بِقِيَاس لِأَن الْقيَاس إِن كَانَ قِيَاسا على أصل مقتدم فذهاب الْأمة عَنهُ وَوُقُوع إجماعها على خِلَافه يدل على فَسَاده لِأَن الْأمة لَا يجوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015