بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
قَالَ الشَّيْخ الْجَلِيل الامام أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عَليّ بن الطّيب الْبَصْرِيّ رَحمَه الله
أَحْمَده على آلائه وأشكره على نعمائه وأستعين بِهِ وَأَتَوَكَّل عَلَيْهِ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الْأَبْرَار وَسلم
ثمَّ الَّذِي دَعَاني إِلَى تأليف هَذَا الْكتاب فِي أصُول الْفِقْه بعد شرحي كتاب الْعمد واستقصاء القَوْل فِيهِ أَنِّي سلكت فِي الشَّرْح مَسْلَك الْكتاب فِي تَرْتِيب أبوابه وتكرار كثير من مسَائِله وَشرح أَبْوَاب لَا تلِيق بأصول الْفِقْه من دَقِيق الْكَلَام نَحْو القَوْل فِي أَقسَام الْعُلُوم وحد الضَّرُورِيّ مِنْهَا والمكتسب وتولد النّظر الْعلم وَنفي توليده النّظر إِلَى غير ذَلِك فطال الْكتاب بذلك وبذكر أَلْفَاظ الْعمد على وَجههَا وَتَأْويل كثير مِنْهَا فَأَحْبَبْت أَن أؤلف كتابا مرتبَة ابوابه غير مكررة وَأَعْدل فِيهِ عَن ذكر مَا لَا يَلِيق بأصول الْفِقْه من دَقِيق الْكَلَام إِذْ كَانَ ذَلِك من علم آخر لَا يجوز خلطه بِهَذَا الْعلم وَإِن يعلق بِهِ من وَجه بعيد فَإِنَّهُ إِذا لم يجز أَن يذكر فِي كتب الْفِقْه التَّوْحِيد وَالْعدْل وأصول الْفِقْه مَعَ كَون الْفِقْه مَبْنِيا على ذَلِك مَعَ شدَّة اتِّصَاله بِهِ فبأن لَا يجوز ذكر هَذِه الْأَبْوَاب فِي أصُول الْفِقْه على بعد تعلقهَا بهَا وَمَعَ أَنه لَا يقف عَلَيْهَا فهم الْغَرَض بِالْكتاب أولى وَأَيْضًا فَإِن القارىء لهَذِهِ الْأَبْوَاب فِي أصُول الْفِقْه إِن كَانَ عَارِفًا بالْكلَام فقد عرفهَا على أتم استقصاء وَلَيْسَ يَسْتَفِيد من هَذِه الْأَبْوَاب شَيْئا وَإِن كَانَ غير عَارِف بالْكلَام صَعب عَلَيْهِ فهمها وَإِن شرحت لَهُ فيعظم ضجره وملله إِذْ كَانَ قد صرف عنايته وشغل زَمَانه بِمَا يصعب عَلَيْهِ فهمه وَلَيْسَ بمدرك مِنْهُ غَرَضه فَكَانَ الأولى حذف هَذِه الْأَبْوَاب من أصُول الْفِقْه