فالصيد مثلا كان مباحاً ثم منع للإحرام ثم أمر به عند الإجلال فيرجع لما كان عليه قبل التحريم. وقتل المشركين كان واجباً ثم منع لأجل دخول الأشهر الحرم ثم أمر به عند انسلاخها في قوله تعالى: ((فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ... الآية)) فيرجع إلى ما كان عليه قبل التحريم. وهكذا. وهذا الذي اخترنا قال به بعض الأصوليين واختاره ابن كثير في تفسير قوله تعالى ((وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) [المائدة: 2]).

ومن الأدلة أيضا التي تدل على أنه للوجوب ما روت عائشة - رضي الله عنها -: (أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال (ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) (?).

التهديد:

قال ابن النجار في "شرح الكوكب" (3/ 23) وهو يتكلم عن المعاني التي ترد لها صيغة الأمر: ((و) الحادي عشر: كونها بمعنى (تهديد) نحو قوله تعالى (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) [فصلت: 40] وقوله تعالى (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ) [الإسراء: 64]).

ويخرج الأمر عن الفورية إلى التراخي:

سبق وأن ذكرت أن الأمر المطلق الذي لم تصحبه قرينة تدل على فور، أو على تراخي، ولم يكن محددا لفعله وقت معين الراجح فيه أنه على الفور.

والكلام الآن عن الأمر الذي دلت القرينة على أنه على التراخي.

قال الشيخ العثيمين - رحمه الله - في "شرح الأصول" (ص/166): (قوله: (ويخرج الأمر عن الفورية إلى التراخي): وهذا يكون في الموقت الموسع، فكل عبادة ذات وقت موسع فهي على التراخي ما دام وقتها باقيًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015