فإذا قال: عندي دليل صحيح يمنع إرادة الحقيقة، وهو العقل والنقل:
أما النقل: فلقوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى: 11].
وأما العقل: فلظهور التباين بين الخالق والمخلوق!
فالجواب: أن نقول: إن إثبات اليد لا يستلزم المماثلة، فها أنت لك يد، ولبعيرك يد، فهل يداكما سواء؟
وأما الجواب عن العقل، فنقول: نعم، فالتباين بين الخالق والمخلوق صحيح، فكما أنهما متباينان بالذات، فإنهما متباينان في الصفات.
وعلى كل حالٍ أهم شيء عندنا في المجاز هو: أن نمنع حمل الكلام على مجازه إلا بدليل صحيح يمنع من إرادة الحقيقة، وهذا الدليل يسميه علماء البلاغة: "القرينة" ثم يقسمون القرينة إلى حالية وإلى لفظية، وليس هذا موضع البحث).
قال الشيخ العثيمين - رحمه الله - في " شرح الأصول" (ص/126): (قوله: (ويشترط لصحة استعمال اللفظ في مجازه وجود ارتباط بين المعنى الحقيقي والمجازي ليصح التعبير عنه، وهو ما يسمى في علم البيان بالعلاقة): فهذا أيضًا لا بد منه، لابد أن يكون هناك علاقة بين الحقيقة والمجاز، يعني: بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، من أجل أن يصح التعبير به عنه، فإن لم يكن هناك علاقة فلا يصح المجاز، فلو عبرت مثلا بالخبز عن الشاة والبيت، لا يصح؛ لعدم العلاقة، لكن لو عبرت عن العصير بالخمر يصح؛ للعلاقة، لأن أصل الخمر العصير، وتعبر باليد عن النعمة؛ لأن النعم والعطاء تكون باليد، وتعبر عن النفس بالرقبة؛ لأن الرقبة إذا قطعت مات الإنسان، لكن هل تعبر عن الإنسان بالظفر، فإذا نزلت إلى السوق وجدت ظفرًا يُحَرّج عليه- أي: يساوم عليه- فاشتريت هذا الظفر وأعتقته، فإن هذا لا يصح، فليست هناك علاقة؛ أولا: لأن الظفر لا يطلق على الإِنسان. وثانيًا: لأن الظفر جزء يسير لو فقد لا يموت الإِنسان بخلاف الرقبة.
وكذلك لو قال: نزلت إلى السوق فوجدت أصبغا يُساوم عليه فاشتريته، وأعتقته؛ فإن ذلك لا يصح ... ).