ينقسم الكلام من ناحية إمكان وصفه بالصدق أو الكذب إلى خبر وإنشاء.
الخبر هو: (القول الدال بالوضع على نسبة معلوم إلى معلوم، أو سلبها عنه، مع قصد المتكلم به الدلالة على ذلك، على وجه يحسن السكوت عليه) (?).
قولنا (الدال بالوضع) أي أن اللفظ دل على المعني ذاته بنفسه وقد احترز بهذا القيد عن أن يكون اللفظ دالا بجهة الملازمة وهي أن يكون المعنى من لوازم أو مقتضيات اللفظ - مثلا إن قلنا هذا الشراب مسكر، وعللناه بلازم الإسكار وهي الرائحة الفائحة الملازمة للشدة المطربة؛ لأن الرائحة ليست هي نفس العلة.
وقولنا: (على نسبة) أي كقولنا: قام زيد، فنسبنا القيام لزيد واحترز به عن أسماء الأعلام وعن كل ما ليس له دلالة على نسبة.
وقولنا: (مع قصد المتكلم به الدلالة على ذلك) احتراز عن صيغة الخبر إذا وردت ولا تكون خبرا كالواردة على لسان النائم والساهي والحاكي لها أو لقصد الأمر كقوله تعالى (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) [المائدة: 45] وقوله: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ) [البقرة: 233] (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ) [البقرة: 228] (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) [آل عمران: 97] ونحوه حيث إنه لم يقصد بها الدلالة على النسبة ولا سلبها.
وقولنا: (معلوم إلى معلوم) حتى يدخل فيه الموجود والمعدوم.
وقولنا: (أو سلبها عنه) حتى يعم ما مثل قولنا: زيد في الدار، ليس في الدار
وقولنا: (يحسن السكوت عليه) احتراز عن اللفظ الدال على المركب التقييدي وهو: المركب من اسمين، أو اسم وفعل، يكون الثاني قيداً في الأول، ويقوم