الأول - أن يكون الواضع له قاصدًا وضعه، فخرج بذلك كلام السكران والمجنون والنائم والهاذي. فهذا لا يسمى كلامًا؛ لأن واضعه غير قاصدًا له.
الثاني - بالوضع. أي بالوضع العربي، بمعنى أنه مطابق للغة العربية، فلو جاءنا كلام يفيد فائدة لا يتشوف السامع بعدها إلى شيء، لكن العرب لا يفهمونه؛ فإنه لا يسمى كلامًا عند النحويين).
وقد اختار الشيخ أحمد الحازمي أن المقصود بالوضع المعنى الثاني فقال (?) ما محصله: بالوضع، وهذا لم يذكره ابن مالك، قيل المفيد يستلزمه؛ لأنه لا يحسن السكوت من المتكلم على كلام إلا إذا كان قاصدا له، وهذا إذا فسرنا الوضع بمعنى القصد وهو ضعيف.
وقالوا حتى يخرج كلام النائم والساهي والمجنون، ونحوهم، فمن طلق زوجته وهو نائم لا تطلق باتفاق.
وأجيب بأن كلام النائم يسمى كلاما وإن لم يقصده، وإنما لم يقع الطلاق لرفع التكليف عنه حال نومه لا لأن ما قاله لم يسم كلاما.
والصواب أن يفسر الوضع في حد الكلام بالوضع العربي يعني أن يكون منظوما بلفظ عربي احترازا عن غيره من اللغات الأجنبية، فإن تكلم بلغة غير عربية فليس بكلام عند النحاة، وإذا اشترطنا القصد دخل معنا كلام البربري ونحوه، وخرج عن الحد كلام الساهي، والنائم، والمجنون، ومن جرى على لسانهم ما لا يقصدون.
اللغة نوعان مفرد ومركب، هذا قدر متفق عليه بين النحاة والأصوليين ومعهم المناطقة، ولكنهم اختلفوا في تعريف المفرد والمركب.
قال ابن النجار في "شرح الكوكب" (1/ 108): (اللغة نوعان: مفرد، ومركب. المفرد في اصطلاح النحاة: هو الكلمة الواحدة كزيد. وعند المناطقة والأصوليين: لفظ وضع لمعنى، ولا جزء لذلك اللفظ يدل على جزء المعنى الموضوع له.