قال ابن النجار في "شرح الكوكب" (1/ 418) ما مختصره: ((وهو) أي المكروه (في عرف المتأخرين: للتنزيه) يعني أن المتأخرين اصطلحوا على أنهم إذا أطلقوا الكراهة، فمرادهم التنزيه، لا التحريم، وإن كان عندهم لا يمتنع أن يطلق على الحرام، لكن قد جرت عادتهم وعرفهم: أنهم إذا أطلقوه أرادوا التنزيه لا التحريم. وهذا مصطلح لا مشاحة فيه.
(ويطلق) المكروه (على الحرام) وهو كثير في كلام الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه وغيره من المتقدمين. - (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ) [النحل: 116]-.
ومن كلامه " أكره المتعة، والصلاة في المقابر " وهما محرمان، لكن لو ورد عن الإمام أحمد الكراهة في شيء من غير أن يدل دليل من خارج على التحريم ولا على التنزيه: فللأصحاب فيها وجهان.
أحدهما - واختاره الخلال وصاحبه عبد العزيز وابن حامد وغيرهم - أن المراد التحريم.
والثاني - واختاره جماعة من الأصحاب - أن المراد التنزيه.
ومن كلام أحمد " أكره النفخ في الطعام، وإدمان اللحم والخبز الكبار " وكراهة ذلك للتنزيه.
وقد ورد المكروه بمعنى الحرام في قوله تعالى: (كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا) [الإسراء: 38].