ذلك، إذا سئل عن مسألة قال: "هل وقعت؟ " إن قال السائل: "نعم" أجاب، وإن قال: "لا" قال: "نحن في عافية منه، فلا نجيبك حتى تقع ". وقوله: (إلا أن يكون قصد السائل التعلم) فحينئذ يجب عليه أن يفتيه).

وينبغي تقييد ذلك بأن يكون السائل أهلا للجواب، وإلا لم يكن كتما للعلم.

الثاني - ألا يكون في البلد غيره من أهل الفتيا:

قال ابن النجار في "شرح الكوكب" (4/ 583): (لمفت ردها) أي: رد الفتيا (و) محله إذا كان (في البلد غيره) أي: الراد. وهو (أهل لها) أي: للفتيا (شرعا) وهذا الذي عليه جماهير العلماء؛ لأن الفتيا - والحالة هذه - في حقه سنة.

وقال الحليمي الشافعي: ليس له ردها، ولو كان في البلد غيره؛ لأنه بالسؤال تعين عليه الجواب (وإلا) أي: وإن لم يكن في البلد غيره (لزمه الجواب) قطعا، ذكره أبو الخطاب وابن عقيل وغيرهما ... ).

الثالث - ألا يكون للسائل مقصد سيئ من السؤال:

قال العثيمين - رحمه الله - في "الشرح" (ص/613): (فإن علم أن قصده التعنت- يعني: الإشقاق على المسئول وإظهار عجزه- فإنه لا يجب عليه أن يجيب، فلو علمتَ أن هذا السائل لم يأت ليسأل إرادة للعلم، إنما أراد أن يسأل لإِظهار عجزك أمام الناس، فلك أن تقول: "لا أدري " أو: "لا أجيبك ".

وكذلك إذا علمت أنه لما أخبرته بالحكم قال: "أين الدليل؟ " فأتيت بالدليل، فجعل يجادل: هذا الدليل يحتمل كذا وكذا، ويأتي له بألف احتمال، فهذا يُعرف منه أنه أراد التعنت، فلك أن تقول: "لا، ما عندي غير هذا"، ولا حرج عليك في هذا.

ولهذا خيَّر اللهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الحكم وعدمه إذا سأله أهل الكتاب قال: (فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) [المائدة: 42]، لأنهم لن يأتوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعرفة الحق، بل يريدون إعناته، وأحيانًا يريدون مصلحة لهم كما تحاكموا إليه في الزنى (?) ... أو ضرب آراء العلماء بعضها ببعض وهذا كثير الآن، يجيء المستفتي يسأل العالم ليرى ماذا عنده وليس قصده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015