قال الشنقيطي في "المذكرة" (ص/14): (والتحقيق أن المندوب مأمور به؛ لأن الأمر قسمان: أمر جازم أي في تركه العقاب وهو الواجب. وأمر غير جازم، أي لا عقاب في تركه وهو المندوب.
والدليل على شمول الأمر للمندوب قوله تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) [الحج: 77] أي ومنه المندوب، (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ) [لقمان: 17]، أي ومنه المندوب: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) [النحل: 90]، أي ومن الإحسان وإيتاء ذي القربى ما هو مندوب، واحتج من قال أن الندب غير مأمور به بقوله: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63] قالوا في الآية التوعد على مخالفة الأمر بالفتنة والعذاب الأليم، والندب لا يستلزم تركه شيئا من ذلك، والحديث: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) مع أنه ندبهم إلى السواك قالوا فدل ذلك على أن الندب غبر مأمور به والجواب أن الأمر في الآية والحديث المذكورين يراد به الأمر الواجب، فلا ينافى أن يطلق الأمر أيضا على غير الواجب، فلا ينافى أن يطلق الأمر أيضا على غير الواجب، وقد قدمنا أن الأمر يطلق على هذا وهذا وزعم من قال أن الندب تخيير بدليل جواز تركه والأمر استدعاء وطلب. والتخيير والطلب متنافيان، زعم غير صحيح، لان الندب ليس تخييرا مطلقا بدليل أن الفعل فيه أرجح من الترك للثواب في فعله وعدم الثواب في تركه، ولان المندوب أيضا مطلوب الا أن طلبه غير جازم والندب في اللغة الدعاء إلى الفعل ... ).
ولا يعاقب تاركه في الدنيا ولا في الآخرة، ولكن أفاد الشيخ العثيمين- رحمه الله - في "شرح الأصول" أن الإنسان قد يوبخ ويلام على ترك المستحب إذا كان هذا الترك يدل على زهده في الخير ورغبته عنه.
قال ابن النجار في "شرح الكوكب" (1/ 420): (وذكر القاضي وابن عقيل: يأثم بترك السنن أكثر عمره، لقوله عليه الصلاة والسلام (من رغب عن سنتي فليس مني) متفق عليه، ولأنه متهم أن يعتقده غير سنة، واحتجا بقول أحمد رضي الله عنه -