وضابطُ الأعمِّ والأخصِّ من وجهٍ:
وضابطه أن يوجد كل واحد منهما مع الآخر وبدونه.
قال المرداوي في " التحبير": (1/ 42): (شأن العموم والخصوص من وجه أن يجتمعا في صورة، وينفرد كل واحد منهما في صورة، فيجتمع الحمد والشكر في الثناء باللسان، وينفرد الحمد بالثناء على الصفات الحميدة من غيره، وينفرد الشكر بالثناء بالجنان والأركان).
ومحصل ما ذكر في المذهب أنه يصار عن تعارضهما إلى الترجيح بينهما أو إلى دليل آخر كما قال المجد في "المسودة" (ص/125) (?).
قال الشنقيطي في "أضواء البيان" (4/ 413): (القاعدة المقررة في الأصول: أن النصين إذا كان بينهما عموم، وخصوص من وجه، فإنهما يظهر تعارضهما في الصورة التي يجتمعان فيها، فيجب الترجيح بينهما. كما أشار له صاحب مراقي السعود بقوله:
وإن يك العموم من وجه ظهر ... فالحكم بالترجيح حتما معتبر
وإيضاح كون حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار»، بينه وبين أحاديث النهي - كحديث أبي ذر مرفوعا: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس» - عموم وخصوص من وجه، كما ذكره الشوكاني رحمه الله: هو أن أحاديث النهي عامة في مكة وغيرها، خاصة في أوقات النهي. وحديث جبير بن مطعم عام في أوقات النهي وغيرها، خاص بمكة حرسها الله، فتختص أحاديث النهي بأوقات النهي في غير مكة، ويختص حديث جبير بالأوقات التي لا ينهى عن الصلاة فيها بمكة، ويجتمعان في أوقات النهي في مكة، فعموم أحاديث النهي يشمل مكة وغيرها، وعموم إباحة