حريث وهو صبي صغير ولم يحفظ عنه شيئا فان قال قائل: فلم أدخلت الأعمش في التابعين وإنما له رؤية دون رواية كما لخلف بن خليفة سواء؟ يقال له: إن الأعمش رأى أنسا بواسط يخطب والأعمش بالغ يعقل وحفظ منه خطبته ورآه بمكة يصلى عند المقام وحفظ عنه أحرفا حكاها فليس حكم البالغ إذا رأى وحفظ كحكم غير البالغ إذا رأى ولم يحفظ).
وقد سبق في مبحث تعريف الصحابي إلحاق محمد بن أبي بكر المولود قبل الوفاة النبوية بثلاثة أشهر وأيام برتبة الصحابة اصطلاحا، وهو وإن لم تصح نسبة الرؤية إليه ولكن صدق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآه ويكون صحابيا من هذه الحيثية خاصة، ومثل هذا الحكم لا يصح تعديته إلى غيره صلى الله عليه وسلم لعدم صحة قياس النبي - صلى الله عليه وسلم - على غيره.
وعليه فكلام ابن حبان له وجه. والراجح في حديث هذه الطبقة من غير المميزين لرؤية الصحابي أنه من قبيل المعضل على أحسن أحواله سواء ألحقناهم بطبقة التابعين حكما أم بتابعيهم حقيقة.
ينقسم الخبر باعتبار طرقه إلى متواتر وآحاد:
فالمتواتر: (ما رواه جماعة كثيرون يستحيل في العادة أن يتواطئوا على الكذب عن مثلهم إلى منتهاه وأسندوه إلى شيء محسوس).
قال ابن حجر في "النزهة" (ص/17): (فإذا جمع هذه الشروط الأربعة - وهي عدد كثير - أحالت العادة تواطؤهم وتوافقهم على الكذب، رووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء، وكان مستند انتهائهم الحس، وانضاف إلى ذلك أن يصحب خبرهم إفادة العلم لسامعه، فهذا هو المتواتر).
اعلم أن حصول العلم هو ثمرة لتحقق الشروط الأربعة وليس هو شرطا زائداً عليها. واعلم أيضا أنهما متلازمان، بمعنى أن حصول العلم تابع ولازم لتحقق الشروط الأربعة، وهو أيضا علامة عليها بمعنى أنه متى حدث هذا العلم اليقيني عند السامع علمنا لزوم تحقق هذه الشروط، لا أنا بتحقق هذه الشروط نستدل على حصول