وأيضاً لو أخبر أحدٌ من الصحابة عن الجنة والنار لقلنا: هذا مرفوعٌ حكماً، إلا أنه يُشترط في هذا النوع: ألا يكون الصحابي ممن عُرف بكثرة (?) الأخذ عن بني إسرائيل، فإن كان ممن عُرفوا بذلك، فإنه لا يُعتبر له حكم الرفع؛ لاحتمال أن يكون ما نقله عن بني إسرائيل، وهؤلاء كثيرون أمثال: عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - فإنه أخذ جملة كبيرة عن كتب أهل الكتاب، في غزوة اليرموك، مما خلَّفه الروم أو غيرهم، لأن في هذا رخصة، فإذا عُرف الصحابي بأنه ينقل عن بني إسرائيل، فإنه لا يكون قوله مرفوعاً حكماً ....
كذلك من المرفوع حكماً، إذا نسب الشيء إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلّم فقيل: كانوا يفعلون كذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم، فهذا من المرفوع حكماً.
وأمثلته كثيرة: مثل قول أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - نحرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم فرساً في المدينة وأكلناه.
فهنا لم تصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلّم علم به، لأنها لو صرحت به لكان مرفوعاً صريحاً، فإذاً هو مرفوع حكماً.
ووجه ذلك: أنه لو كان حراماً ما أقره الله تعالى، فإقرار الله عز وجل له يقتضي أن يكون حجة - وقد علمت فيما سبق - أن من العلماء من يقول: هذا ليس مرفوعاً حكماً، ولكنه حجة، وقال: إنه ليس مرفوعاً لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يعلم به، لكنه حجة لأن الله تعالى علم به فأقره (?).
كذلك من المرفوع حكماً ما إذا قال الصحابي: روايةً.
مثاله: اتصل السند إلى الصحابي فقال: عن أبي هريرة رواية: من فعل كذا وكذا، أو من قال كذا وكذا، فإن هذا من المرفوع حكماً؛ لأن قول الصحابي رواية، لم يصرح أنها رواية عن النبي صلى الله عليه وسلّم، لكن لما كان الغالب أن الصحابة يتلقون عن الرسول صلى الله عليه وسلّم، جعله العلماء من المرفوع حكماً.