قال ابن حزم في "الإحكام" (4/ 511): (ومما نسخ من القرآن بالسنة قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [البقرة: 180] نسخ بعضها قوله صلى الله عليه وسلم لا وصية لوارث وقد قال قوم إن آيات المواريث نسخت هذه الآية.
قال أبو محمد وهذا خطأ محض؛ لأن النسخ هو رفع حكم المنسوخ ومضاد له وليس في آية المواريث ما يمنع الوصية للوالدين والأقربين إذ جائز أن يرثوا ويوصى لهم مع ذلك من الثلث).
قال الصنعاني في "سبل السلام" (3/ 106): (والحديث دليل على منع الوصية للوارث وهو قول الجماهير من العلماء. وذهب الهادي وجماعة إلى جوازها مستدلين بقوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) الآية قالوا ونسخ الوجوب لا ينافي بقاء الجواز. قلنا نعم لو لم يرد هذا الحديث فإنه ناف لجوازها إذ وجوبها قد علم نسخه من آية المواريث ... ) (?).
قال القرطبي في "تفسيره" (2/ 263): (وقال بن عباس والحسن أيضا وقتادة: الآية عامة وتقرر الحكم بها برهة من الدهر ونسخ منها كل من كان يرث بآية الفرائض وقد قيل: إن آية الفرائض لم تستقل بنسخها بل بضميمة أخرى وهي قوله عليه السلام: (إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) رواه أبو أمامة أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح فنسخ الآية إنما كان بالسنة الثابتة لا بالإرث على الصحيح من أقوال العلماء ولولا هذا الحديث لأمكن الجمع بين الآيتين بأن يأخذوا المال عن المورث بالوصية وبالميراث إن لم يوص أو ما بقى بعد الوصية لكن منع من ذلك هذا الحديث والإجماع ... ونحن وإن كان هذا الخبر بلغنا آحادا لكن قد انضم إليه إجماع المسلمين أنه لا تجوز وصية لوارث فقد ظهر أن وجوب الوصية للأقربين الوارثين منسوخ بالسنة وأنها مستند المجمعين والله أعلم).
المثال الثاني:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى