فيما روينا إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم القيام باختيارهم لا بمحبة الذين قاموا لهم إياه منهم وفي هذا الحديث ذكر المحبة من الذي يقام له بذلك من القائمين فالتوفيق أن القيام مباح إذا لم يكن ممن يقام له محبة في ذلك ومكروه إذا كان له محبة فيه وقد روي أنس قال: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك.

ففيه أنهم لو لم يعلموا كراهته لقاموا إليه وكراهته كان على سبيل التواضع منه لا لأنه حرام عليهم فعله ألا ترى أنه أمرهم بالقيام لسعد وقام بمحضره طلحة بن عبيد الله إلى كعب فلم ينهه وقيام الصحابة بعضهم لبعضهم مشهور لا ينكر فالمكروه هو محبة القيام بعضهم من بعض لا القيام المجرد وزعم بعض من ينتحل الحديث أن قوله: "من أحب أن يستتم له الرجال قياما"، إنما هو في القيام الذي يفعله الأعاجم لعظمائهم من قيامهم على رؤوسهم وإطالتهم ذلك حتى يسنخوا معه أي تتغير لذلك روائحهم لا طالتهم وليس كذلك لأن معاوية أنكر علي ابن عامر مجرد القيام بغير إطالة منه وقال: اجلس يا ابن عامر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب أن يستتم"، الحديث، وقد كان قام لمعاوية فدل على بطلان تأويل المنتحل وفي انتفائه ثبوت التأويل الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015