روي مرفوعا: "لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا وإن صاحبكم خليل الله" وعن ابن عباس خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه عاصبا رأسه بخرقة فجلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أنه ليس أحد من الناس أمن علي بنفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر ولكن خلة الإسلام أفضل سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر"، فيه أنه لم يكن له خليل عن عاصم قال: قلت للشعبي: أن حفصة كانت تحدثنا عن أم عطية فتقول: حدثني خليلي يعني: النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذا من عقول النساء أو لم يقل صلى الله عليه وسلم قبل موته: من كانت بيني وبينه خلة فقد رددتها عليه ولو كنت متخذا خليلا من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلا.
أعلم أن الخليل في كلام العرب قد يكون من الخلة التي هي الصداقة وقد يكون من اختلال الأحوال والمقصود هنا الأول فإنه روي ابن أبي المعلى لو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا ولكن ود إيمان مرتين ولكن صاحبكم خليل الله ومعنى إضافة الخليل إلى الله قيل فقير الله الذي لم يجعل فاقته إلا إليه وقيل أنه محب الله الذي لا خلل في محبته وقيل هو المختص بالمحبة دون غيره وقيل أنها الموالاة بأن جعله الله وليا ولاية لا ولاية فوقها ولا مثلها يؤيده ما روي عن مسروق عن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل نبي ولاية من النبيين وإن ولي منهم أبي وخليل ربي ثم قرأ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} إلى قوله: {وَهَذَا النَّبِيُّ} الآية ولما كان الله له خليلا لم يجز إلا أن يكون من الخلة التي هي نهاية المحبة فكذا إذا كان هو خليلا لله يكون بهذا المعنى وكذا الولاية منسوبة لمن يتولاه من خلقه ويتولى الله خلقه قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية و