والقرض وإن كان كل واحد منهما صحيحًا بانفراده؛ لأنه ربما حاباه في البيع لأجل القرض، فيؤدي إلى أن يجر القرض نفعًا للمقرض، فلما كانت الفائدة على القرض ربما تستتر بعقد البيع نهى عنها الشارع، وإذا كان هذا حكم الشرع بالفائدة المستترة فكيف بالفائدة الظاهرة المشروطة.
قال ابن تيمية: "نهى -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجمع الرجل بين سلف وبيع، وهو حديث صحيح ومعلوم أنه لو أفرد أحدهما عن الآخر صح وإنما ذاك؛ لأن اقتران أحدهما بالآخر ذريعة إلى أن يقرضه ألفًا، ويبيعه ثمانمائة بألف أخرى، فيكون قد أعطاه ألفًا، وسلعة بثمانمائة، ليأخذ منه ألفين، وهذا هو معنى الربا" (?).
وقد حكى الإجماع غير واحد من أهل العلم على تحريم اشتراط البيع مع عقد القرض: الباجي في المنتقى (?)، والقرافي في الفروق (?)، والحطاب في مواهب الجليل (?)، وابن قدامة في المغني (?)، وغيرهم.
ومع وضوح تحريم ربا القروض مطلقًا، واتفاق علماء السلف عليه إلا أن هناك من خالف في هذه المسألة من المحدثين، وخلافهم فيها من قبيل الخلاف الشاذ، المخالف للإجماع، ويلتمس العذر لهم لكونهم متأولين، ولا يعتبر القول عندي خارقًا للإجماع لكون هذا القول في نفسه مخالفًا للإجماع كما سبق، وقد ناقشت أدلتهم في عقد الربا، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، ولله الحمد.