ولم يقسم الجمهور الإكراه إلى ملجئ وغير ملجئ.
فما سماه الحنفية إكراهًا ملجئًا هو إكراه عندهم بالاتفاق.
وما سماه الحنفية إكراهًا غير ملجئ، مختلفون في تَحَقَّق الإكراه فيه على قولين، قيل: يعتبر إكراهًا، وقيل لا يعتبر إكراها (?).
كما لم يفرق الجمهور بين الرضا والاختيار، فهما لفظان مترادفان في الاصطلاح، فإذا قلنا: أن يكون العاقد مختارًا، بمنزلة أن أقول: أن يكون العاقد راضيًا بالعقد، وأن الاختيار لا يجتمع مع الإكراه. فمن أكره على فعل شيء لم يكن مختارًا البتة.
قال السيوطي: "فالمراد بالاختيار قصده ذلك الفعل وميله ورضاه، وأنه لم يفعله على وجه الإكراه" (?).
والخلاف فيما أرى ليس في وجود فرق بين الرضا والاختيار، فإن اللغة تدل على وجود فرق بينهما، وإنما الخلاف ما هو المشروط في العقد؟
هل المشروط الرضا أو الاختيار؟
فإذا رجعنا إلى كتاب الله وجدنا أن المشروط في القرآن هو الرضا، وإذا وجد الرضا وجد الاختيار من باب أولى
قال تعالى عن عقود المعاوضات: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: 29].