وقال ابن عبد البر: "والدين الذي يحبس به صاحبه عن الجنة، والله أعلم، هو الذي قد ترك له وفاء، ولم يوص به، أو قدر على الأداء، فلم يؤد، أو أنه في غير حق، أو في سرف، ومات ولم يؤده، أما من أدان في حق واجب لفاقة، وعسر، ومات، ولم يترك وفاء، فإن الله لا يحبسه به عن الجنة إن شاء الله؛ لأن على السلطان فرضًا أن يؤدي عنه دينه إما من جملة الصدقات، أو من سهم الغارمين، أو من الفيء الراجع على المسلمين من صنوف الفيء.
وقد قيل: إن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتشديده في الدين كان من قبل أن يفتح الله عليه ما يجب منه الفيء والصدقات لأهلها" (?).
وقال ابن رشد: "قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282].
وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11].
فدل ذلك من قوله على جواز التداين، وذلك إذا تداين في غير سرف، ولا فساد، وهو يرى أن ذمته تقي بما تداين به ... وقد رويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - آثار كثيرة في التشديد في الدين، ثم ذكر أحاديث منها حديث أبي قتادة المتقدم ... فكل من ادَّان في مباح، وهو يرى أن ذمته تقي بما ادَّان به، فغلبه الدين فلم يقدر على أدائه حتى توفي، فعلى الإِمام أن يؤدي ذلك عنه من بيت مال المسلمين، أو من سهم الغارمين من الصدقات ... " (?).
(ح - 1061) وقد روى البخاري من طريق إبراهيم، عن علقمة، قال: بينا أنا