بهذا التخصيص لم يقصد تقييد ولايته بما سمى، وإنما سمى نوعًا؛ لأن ذلك كان أهم عنده والإنسان في مثل هذا يذكر الأهم، وهذا بخلاف الوكالة؛ لأن رأي الموكل قائم عند تصرف الوكيل، فإذا تجددت الحاجة أمكنه أن ينظر فيه بنفسه، أو بتفويضه إليه أو إلى غيره عند الحاجة (?).
بأن دعوى أن الموصي لم يقصد تقييد ولايته بما قيده به، وإنما سمى ذلك اعتبارًا للأهم هذا من قبيل الظن والتخمين، واليقين مقدم عليه، وهو أن ما نص عليه الموصي قد رغب الموصي في الإيصاء به يقينًا للتنصيص عليه، وغيره محتمل، فلا يقدم المحتمل على المتيقن، وقد كان يملك الموصي أن يطلق الوصية، ثم يحضه على أشياء بعينها، فلما لم يفعل علمنا أنه لا يريد الإيصاء بغير ما أوصى به، والله أعلم.
إذا أوصى إليه بشيء بعينه لم يكن وصيًا في غيره، فإن أوصى له بالنظر في المال لم يكن له النظر في رعاية الأولاد، ومن أوصى له بقضاء الدين واقتضائه، أو رد الودائع واستردادها لا يملك النظر في غيرها. وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، إلا أن المالكية قالوا: لو أوصى له على بيع تركته، وقبض ديونه، فزوج بناته ممن لا تجبر على الزواج بإذنهن، فإن ذلك لا يجوز ابتداء، وإن وقع صح، وإن زوج من تجبر فإنه يفسخ أبدًا (?).