فلم يبطل الوصية في المسجد إلا في حالة واحدة لو أراد الموصي تمليك المسجد، وصحح ما عداها، فيدخل فيه لو أوصى للمسجد، وأطلق.
وجاء في المبدع: "وإن وصى لكتب القرآن، أو العلم، أو المسجد، أو لفرس حبيس ينفق عليه صح؛ لأن ذلك قربة، فصح بذل المال فيه كالوصية للفقير، والموصى به للمسجد يصرف في مصالحه عملاً بالعرف ... ولو أراد تمليك الفرس أو المسجد، لم يصح" (?).
أرى أن الوصية للمسجد صحيحة، سواء صرح أنه أراد النفقة على عمارته وإصلاحه أو لم يصرح بذلك؛ لأن المسألة راجعة إلى أنه لا يشترط في الموصى له أن يكون من أهل التملك؛ لأنه إذا صحت الوصية على مصالح المسجد وعمارته، وهو ليس من أهل التملك دل هذا على أنه لا يشترط في الموصى له أن يكون من أهل التملك.
قال في بدائع الصنائع: "كونه من أهل الملك ليس بشرط، حتى لو أوصى مسلم بثلث ماله للمسجد ينفق عليه في إصلاحه وعمارته وتجصيصه يجوز؛ لأن قصد المسلم من هذه الوصية التقرب إلى الله - عَزَّ وَجَلَّ - بإخراج ماله إلى الله - عَزَّ وَجَلَّ -، لا التمليك إلى أحد" (?).
وقد صحح الحنفية الوقف على بيت المقدس، فلزم منه صحة الوقف على المسجد من غير فرق.