وقولنا: تصح وصية الذمي هذا في الجملة، أما عند الكلام على التفصيل فيمكن تقسيم وصية الذمي إلى أقسام، ويرجع هذا التقسيم إلى مسألة سبق بحثها في الوقف، هل يشترط في الوقف أن يكون على بر، أو يكفي انتفاء المعصية، وإذا اشترط أن تكون الوصية على بر، فهل يكفي أن يكون قربة في حكم أهل الكتاب، أو يشترط أن يكون برًا في ديننا؟
[م - 1650] وهل القول في الوقف كالقول في الوصية؟
وللجواب على ذلك نقول: إذا كانت الوصية على معين لم يشترط فيها البر قولاً واحداً، وهذا ظاهر؛ لأنه إذا لم يشترط ذلك في الوقف، لم يشترط في الوصية من باب أولى.
[م - 1651] وإذا كانت الوصية على جهة، فاختلف العلماء في اشتراط البر فيها على قولين:
يشترط في الوصية أن تكون على بر، وهذا هو اختيار ابن تيمية، قال رَحِمَهُ اللَّهُ: "فأما الأعمال التي ليست طاعة لله ورسوله فلا ينتفع بها الميت بحال، فإذا اشترط الموصي أو الواقف عملاً أو صفة لا ثواب فيها كان السعي في تحصيلها سعيًا فيما لا ينتفع به في دنياه ولا في آخرته، ومثل هذا لا يجوز" (?).