بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمَّد، وعلى آله، وصحبه، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين،، وبعد:
فهذا هو المجلد السابع عشر، وهو المجلد الثاني في عقود التبرع، وهو عقد الوصية، وقد رأيت أن يكون عقد الوصية بعد عقد الوقف لشبه الكتابين، حتى قال الفقهاء: "إن أحكام الوقف تستقى من الوصايا، وقالوا: أيضًا: إن كل واقعة في الأوقاف ليس فيها نص فقهي في كتاب الوقف يفتى فيها بحكم ما يشبهها في كتاب الوصايا، فمسؤولية نظار الوقف وواجباتهم تستمد من مسؤولية الأوصياء وواجباتهم، والتصرف في مال الوقف يستمد أحكامه من التصرف في مال اليتيم الذي تحت الوصاية، وهكذا" (?).
وقدمت عقد الوقف؛ لأن الأصل في عقد الوقف البر، وذلك لأنه قائم على حبس الأصل، وتسبيل الثمرة، وأطلق عليه الشارع بالصدقة الجارية، وهو يكون في الحياة، وبعد الموت، وهو عقد لازم، وأما عقد الوصية فالأصل فيه أنه عقد تمليك للعين والمنفعة معًا، وقد لا يراد منه الدوام، وهو لا ينفذ إلا بعد الموت، وهو عقد جائز قبل موت الموصي.