بالدين مرة أخرى بعد براءته منه وانتقاله إلى ذمة المحال عليه،، صحيح أن المحيل بقي مطالبًا بالدين، لكن نوع المطالبة اختلف، فقبل الحوالة: كان مطالبًا بالدين باعتباره أصيلاً، وبعد الحوالة التي اشترط فيه ضمانه، أصبح مطالبًا بالدين باعتباره ضامنًا، لا باعتباره أصيلًا، إذ أصبح المدين الأصيل هو المحال عليه، يوضح ذلك:

أن المحال -في هذه المسألة- لو أبرأ المحال عليه من الدين برئ المحيل؛ لأنه أصبح ضامنًا، وبراءة الأصيل توجب براءة الضامن، بخلاف ما لو أبرأ المحيل، حيث لا يبرأ المحال عليه؛ لأنه أصبح المدين الأصيل، وبراءة الضامن لا توجب براءة الأصيل. والله أعلم.

وهذا هو الراجح، وقد نبه الشيخ مبارك آل سليمان على أمرين:

الأمر الأول:

أن ضمان الساحب للمسحوب عليه أمر فرضته عليه القوانين، وليس واقعًا باختياره ورضاه، بل عساه ألا يكون عالمًا به، وهذا ينافي شرطًا من شروط صحة الضمان، وهو رضا الضامن.

وعليه فالضمان لا يلزم الساحب، ولا يقضى عليه به، إلا إذا شرط عليه ذلك في العقد، أو كان هناك عرف شائع؛ لأن الإنسان لا يلزم إلا بما ألزم به نفسه، أو ألزمه به الشارع، والله أعلم.

الأمر الثاني:

أن حمل الكمبيالة على الحوالة وإن حملت عليها, لا يعتبر من الحوالة الصريحة، وإنما من الصيغ العملية الدالة على إرادة الحوالة بحسب الظاهر؛ لأن الكمبيالة لما كانت تحرر في العادة بمناسبة وجود دين للمستفيد على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015