خامسًا: أن خطورة السوق المالية هذه تأتي من اتخاذها وسيلة للتأثير في الأسواق بصفة عامة؛ لأن الأسعار فيها لا تعتمد كليًا على العرض والطلب الفعليين من قبل المحتاجين إلى البيع، أو إلى الشراء، وإنما تتأثر بأشياء كثيرة بعضها مفتعل من المهيمنين على السوق، أو من المحتكرين للسلع، أو الأوراق المالية فيها، كإشاعة كاذبة أو نحوها.
وهنا تكمن الخطورة المحظورة شرعًا؛ لأن ذلك يؤدي إلى تقلبات غير طبيعية للأسعار، مما يؤثر على الحياة الاقتصادية تأثيرًا سيئًا.
وعلى سبيل المثال لا الحصر: يعمد كبار الممولين إلى طرح مجموعة من الأوراق المالية من أسهم، وسندات قروض، ويهبط سعرها لكثرة العرض، فيسارع صغار حملة هذه الأوراق إلى بيعها بسعر أقل، خشية هبوط سعرها أكثر من ذلك، وزيادة خسارتهم، فيهبط سعرها مجددًا بزيادة عرضهم، فيعود الكبار إلى شراء هذه الأوراق بسعر أقل، بغية رفع سعرها بكثرة الطلب، وينتهي الأمر بتحقيق مكاسب للكبار، وإلحاق خسائر فادحة بالكثرة الغالبة، وهم صغار حملة الأوراق المالية، نتيجة خداعهم بطرح غير حقيقي لأوراق مماثلة، ويجري مثل ذلك أيضاً في سوق البضائع.
ولذلك قد أثارت سوق (البورصة) جدلًا كييرًا بين الاقتصاديين، والسبب في ذلك أنها سببت -في فترات معينة من تأرجح العالم الاقتصادي- ضياع ثروات ضخمة في وقت قصير، بينما سببت غنى للآخرين دون جهد, حتى إنهم في الأزمات الكبيرة التي اجتاحت العالم طالب الكثيرون بإلغائها، إذ تذهب بسببها ثروات، وتنهار أوضاع اقتصادية في هاوية، في وقت سريع، كما يحصل في الزلزال والانخسافات الأرضية.
ولذلك كله فإن مجلس المجمع الفقهي الإِسلامي بعد اطلاعه على حقيقة