ويكون الجاهل عاجزًا حكمًا كالناسي، ويكون الجهل عذرًا يؤخر حكم الخطاب، ولا يسقط الوجوب أصلاً كالخطأ، والنسيان" (?).
ولم يطَّرد الحنابلة في العذر بالجهل فتجد أنهم قبلوا دعوى الجهل بتحريم الزنا، وشرب الخمر، إذا كان مثله يجهل لحداثة عهده بالإِسلام، أو لكونه نشأ في البادية، ولم يجعلوا الجهل عذرًا في بعض الأحكام، فالجهل في ترك واجب من واجبات الحج يجب فيه عندهم الدم، سواء كان ناسيًا، أو جاهلاً، كما أن قتل الصيد، والوطء وحلق الشعر في الحج يستوي فيه العامد والجاهل والناسي، ومثله ترك الترتيب الواجب في الوضوء، أو في الصلاة، لا يسقط بالجهل.
جاء في شرح منتهى الإرادات: "ولا يحد، ولا يعزر شارب خمر جهل التحريم ... ولا تقبل دعوى الجهل ممن نشأ بين المسلمين؛ لأنه لا يكاد يخفى" (?).
وقال ابن قدامة "قتله بسحر يقتل غالبًا، ففيه القود؛ لأنه يقتل غالبًا، أشبه السكين، وإن كان مما لا يقتل غالبًا، فهو خطأ العمد، وإن ادعى الجهل بكونه يقتل غالبًا، وكان مما يجوز خفاؤه عليه، فلا قود" (?).