ولو قال: لأن غير الصرف يعتبر تعيينه قبضًا له لكان أدق؛ لأن قوله: فلا يشترط قبضه مخالف للحديث من اشتراط القبض.
وحتى مذهب المالكية والحنابلة الذين يعتبرون قبض ما فيه توفية من كيل أو وزن، يعتبرون قبضه: هو أن يكال أو يوزن، والكيل والوزن ليس قبضًا حقيقيًا، وإنما الذي يتم من خلال الكيل والوزن هو تعيين حق المشتري، وإفرازه من غيره، ومع هذا اعتبروا ذلك قبضًا له مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (حتى يقبضه)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (حتى يستوفيه) وسبق لنا الكلام على قبض ما فيه حق توفيه في مسألة مستقلة.
القول بأن التعيين بمنزلة القبض غير صحيح؛ لأن القبض أخص من التعيين، فكل شيء مقبوض فهو معين، وليس كل معين مقبوضًا.
ألحق الحنفية والمالكية، والسبكي من الشافعية، وابن تيمية من الحنابلة بالقبض في مجلس العقد ما كان مستقرًا في الذمة من قبل بقبض متقدم (?)، فلو كان لرجل في ذمة آخر دنانير، وللآخر عليه دراهم، فاصطرفا بما في ذميتها، فإنه يصح ذلك الصرف، ويسقط الدينان من غير حاجة إلى التقابض الحقيقي،