ذلك أن الزيادة بلغت مائة بالمائة، ولم يكن ذلك مسوغاً لأخذ الزيادة، ولم يقل أحد: إن ذلك سفه، والشريعة لا تأتي به، ولم يقل أحد: لماذا نأمره أن يبيع التمر الرديء، وهو لا يريد الدراهم، أليس في ذلك حرج ومشقة عليه، وهو سوف يشتري بقيمته من التمر الجيد، فهذا هو أمر الشارع، حيث أراد بحكمته عند اشتراط التماثل إلى تضييق المقاصة في بيع الربوي بجنسه.

ونحن لا نقول: لزاماً عليك أن تبيعها بمثلها من الذهب وأن تخسر جهدك، بل نقول له: لك أن تبيع الحلية من الذهب بالدراهم، والحلية من الفضة بالدنانير، فهل في إيجاب ذلك حرج ومشقة وعسر لا يمكن أن تأتي به الشريعة، أليس هذا من باب التهويل والمبالغة.

وقد يقبل كلام ابن القيم في عصره عندما كان تعامل الناس في النقدين (الدراهم والدنانير) أما اليوم فإن تعامل عامة الناس بالأوراق النقدية، وهي أثمان الناس اليوم، وليس هناك أثمان غيرها، فلك أن تشتري بها ما شئت من حلي الذهب والفضة، فمن كان معه قلادة استغنى عنها، وأراد أن يبيعها فلا يبعها بقلادة أخرى مع التفاضل، بل يبيع القلادة بالريالات، ولا يشترط في ذلك إلا التقابض، ويشتري بالريالات القلادة التي يريد، وليس في ذلك سفه، ولا عنت، وعمل عامة الناس عليه في بلادنا.

وقول ابن تيمية وابن القيم: إن العاقل لا يمكن أن يبيع الصياغة بوزنها فإن هذا سفه وإضاعة للصنعة، ممكن أن يقال لهم أيضاً لو فتح باب الاعتراض العقلي أن يقال: إن العاقل لا يمكن أن يبيع الذهب، ولو لم يكن حلياً بمثله وزناً بوزن؛ لأن البائع حين يبيع يبحث عن مقدار من الربح، ولو كان يسيراً، فأي ربح في بيع الذهب بمثله بلا فضل، بل يمكن أن يقال أشد من هذا: هل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015