الفضة قد خرجت بالصنعة من كونها مالاً ربوياً، وفهم الصحابي أولى من فهم غيره، كيف وقد وافقه غيره من الصحابة كما سيأتي عن ابن عمر رضى الله عنهما، وأبي الدرداء.

وأما رأي معاوية فهو لم يحتج لقوله إلا أنه لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً في النهي، كما قال: (ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد كنا نشهده، ونصحبه فلم نسمعها منه)، وكونه لم يسمع ليس حجة على من حفظ وسمع، وعمر وأبو بكر قد تغيب عنهم سنة، ويحفظها غيرهم ممن هو دونهم فكيف بمعاوية رضي الله عن الجميع، فكيف إذا كان معاوية إنما قال ذلك برأيه واجتهاده، وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء كما سيأتي احتجا عليه بالسنة المرفوعة، ولذلك أغلظا له في الإنكار، وليس رأي معاوية صريحاً في أنه يرى أن الفضة تخرج بالصنعة من كونها مالًا ربوياً. فقد يكون رأي معاوية من رأي ابن عباس في أن الربا لا يجري إلا في النسيئة، ولذلك أجاز بيع الآنية من الفضة بأكثر من وزنها يداً بيد. ويحتاج من يريد أن يجعل رأي معاوية في الحلية إلى كلام صريح من معاوية رضى الله عنه في المسألة، فالقصة ليست صريحة في الباب.

(ح-768) يؤيد ذلك ما رواه ابن ماجه عن هشام بن عمار، حدثنا يحيى ابن حمزة، حدثني برد بن سنان، عن إسحاق بن قبيصة، عن أبيه، عن عبادة ابن الصامت بنحوه وفيه قال معاوية: يا أبا الوليد ما أرى الربا في هذا إلا ما كان من نظرة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015