وأرى أن هذا أقوى حجة من الأول، خاصة أن المكاييل والموازين أقرها الإسلام على ما كانت عليه في الجاهلية، اعتبارًا لعرفها, ولم يقدر فيها معيارًا خالف فيه العرف القائم حتى يقال: إن الشرع كان له قصد في تقدير هذا المعيار عن ذاك، والله أعلم.
ولأنهم ربما تعاملوا بالعدد مع أن الفضة معيارها الشرعي هو الوزن
(ح-743) لما رواه مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: الذهب بالذهب والفضة بالفضة وزنًا بوزن مثلًا بمثل فمن زاد أو استزاد فقد أربى.
ولم يمنع من التعامل بها عددًا، قال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: 20].
وقالت عائشة لبريرة: إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة فعلت. تريد الدراهم.
وكانت بريرة قد كاتبت أهلها على تسع أواق، في كل عام أوقية، وكانت قيمة الأوقية أربعين درهمًا، فذكرت عائشة العدد، وإن كان أصل الدين هو الوزن (?).
(ح-744) وروى البخاري في صحيحه زكاة الفضة، وفيه: (وفي الرقة ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها) (?).
إلا أن هذه الأدلة جرى التعامل بها بالعدد؛ لأنها إما في مبادلة فضة بسلعة، وهذا ليس فيه ما يوجب معرفة معيارها الشرعي، أو في معرفة مقدار الزكاة، وهو من هذا الباب أيضًا.