كان الرجل يربي إلى أجل، فإذا حل الأجل قال للمدين: زدني في المال حتى أزيدك بالأجل، فيفعل، وهكذا عند كل أجل. . ." (?).
وقد ذكر مثل ذلك أبو السعود، والبيضاوي في تفسيرهما (?).
ففهم من ذلك أن ربا الجاهلية كان يأخذ شكل القرض بزيادة كما يأخذ شكل الزيادة في الدين عند حلول الأجل.
وقد نقل علماء المسلمين الإجماع على أن الزيادة على دين القرض من الربا المحرم، ونقلت كلامهم عند الكلام على دين القرض، منهم العيني، وابن عبد البر، وابن المنذر، وابن تيمية، وابن قدامة، وابن مفلح وغيرهم، ولم أقصد الاستيعاب، وإنما قصدت تنوع الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، فكلامهم مقدم على كلام الشيخ محمَّد رشيد رضا، وفهمهم أولى لاتفاقهم، ومخالفة محمَّد رشيد رضا لهم على كثرتهم.
على فرض أن يكون ربا الجاهلية محصورًا في الدين إذا حل، ولم يكن المدين قادرًا على السداد، فيقول له: إما أن تقضي وإما أن تربي، فإنه لا يوجد فرق بين الزيادة عند حلول الأجل أو الزيادة المشروطة عند العقد، فالمعنى الذي من أجله حرمت الزيادة موجودة في الصورتين، فلا فرق في المعنى بين رجل أراد أن يقرض رجلاً مبلغًا من المال قدره مائة ألف ريال، فاشترط عليه عند العقد زيادة مائة ريال، وبين أن يشترط عليه الزيادة عند حلول الأجل، فكلا المعاملتين في مال متحد الجنس مع أجل، وربح مقابل الأجل (?).