التالي في كون الحوالة تنقل الحق إلى ذمة المحال عليه، فلا يرجع المحال على المحيل، إلا أنهم قالوا: إن كان المحيل يعلم إفلاس المحال عليه، ولم يخبر المحال فإن له الرجوع؛ لأن هذا خداع وتغرير منه للمحال بمنزلة البائع يدلس عيب المبيع.
ذهب الشافعية بأن المحال لا يملك الرجوع على المحيل مطلقًا إذا تمت الحوالة، سواء كان الفلس قبل الحوالة أم بعدها، وسواء غره أم لم يغره، وسواء اشترط عليه ملاءته أم لم يشترط.
أن الحوالة إما أن يتحول بها الحق عن المحيل، أو لا يتحول. فإن تحول فقد برئت ذمته، فوجب ألا يعود إليه، كما لو أبرأه، وإن لم يتحول فلتدم المطالبة كما في الضمان.
والحوالة اسم مشتق من معناه، وهو تحول الحق به كما أن الضمان مشتق من انضمام ذمة إلى أخرى فلم يجز أن يعود الحق بعد تحوله إلا بمثل ما انتقل به.
أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع) فلو كان له الرجوع لما كان لاشتراط الملاءة فائدة؛ لأنه إن لم يصل إلى حقه رجع، فلما شرط الملاءة علم أن الحق قد انتقل بها انتقالًا لا رجوع له فيه، فاشتراط الملاءة حراسة لحقه.
قال ابن الجوزي: "لنا حديث حزن جد سعيد بن المسيب أنه كان له دين على