وقال الكساني في بدائع الصنائع: "وأما شرائط الانعقاد فأنواع، بعضها يرجع إلى العاقد، وبعضها يرجع إلى نفس العقد ... وأما الذي يرجع إلى العاقد فنوعان: أحدهما: أن يكون عاقلاً، فلا ينعقد بيع المجنون والصبي الذي لا يعقل؛ لأن أهلية المتصرف شرط انعقاد التصرف، والأهلية لا تثبت بدون العقل، فلا يثبت الانعقاد بدونه، فأما البلوغ فليس بشرط ... " (?).

وقال ابن عرفة: "عقد المجنون حين جنونه ينظر له السلطان في الأصلح في إتمام أو فسخه، إن كان مع من يلزمه عقده" (?).

ونقل هذا الكلام الحطاب في مواهب الجليل وأشار إلى أنهم أخذوا هذا الحكم من قوله "من جن في أيام الخيار نظر له السلطان" (?).

ثم انتقد هذا المأخذ قائلا: "في استشهاد بمسألة المدونة نظر؛ لأن الجنون إنما طرأ بعد العقد".

فتبين أن هناك فرقاً بين المقيس والمقيس عليه، فكيف يسوي بين بيع من جن في أيام الخيار، وقد عقد العقد في أهلية كاملة وبين من عقد العقد، وهو مجنون لا يعلم ما يقول، لا شك أن يبنهما فرقاً شاسعاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015