والقول هنا بضرورة توافق الإرادتين غير ممكن إذ الدائن وقت وجود الالتزام غير معروف، وقد يكون الدائن غير موجود في الحال، ولكنه سيوجد في المستقبل، فلا يمكن الالتزام نحوه إلا بالإرادة المنفردة.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هناك فرقًا بين العقد والالتزام، فالعقد لا ينعقد إلا بتوافق الإرادتين، وأما الالتزام فيقوم كل طرف على إرادته هو وحده، فالإيجاب ملزم وحده في حق من صدر عنه، حتى يرفضه من وجه إليه، أو ينشغلا عنه بما يقطعه، أو يتفرقا من المجلس قبل صدور القبول، فالكلام بأنه لا بد من تطابق الإرادتين إنما هو في الكلام على انعقاد العقد بين الطرفين، ولزومه في حقهما معاً، مثله تمامًا من اعتبر الوعد بالبيع ملزمًا لصاحبه إذا صدر عنه، ولا ينعقد العقد إلا إذا صدر القبول من صاحب الحق، فقد يكون الإيجاب ملزمًا لصاحبه ولا يلزم منه انعقاد العقد، لكون صاحب الحق في التملك لم يقبل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015