سوى إثبات وجود الهزل، فإذا ثبت لديه انتفى الحكم عنده، وأظن أن القائلين لا ينعقد لا يختلفون في هذا، لأن الأمر إما أن يصدقه صاحبه على دعوى الهزل، أو يكذبه، فإن صدقه أصبحت الأقوال في المسألة قولين، وإن كذبه فالأصل مع مدعي الجدة؛ لأنه هو الأصل، ولذلك الحنفية الذين يقولون بأن بيع الهازل لا ينعقد يقولون في نفس الوقت لا بد من قرينة،
جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام "الجد شرط في البيع، فلا ينعقد بيع الهزل؛ إذ لا رضاء في عقد يبنى على الهزل ... وعلى هذا إذا قصد بالمبايعة الهزل وجب التصريح بذلك أثناء العقد إذ لا تغني دلالة الحال عن ذلك وحدها. فعلى الهازل في بيعه أن يقول للمشتري إني بعتك هذا المال هازلًا. وإذا تواطأ متبايعان على أن العقد الذي سيجريانه بحضور الشهود يراد به الهزل فالتواطؤ الذي تقدم العقد بمنزلة التصريح بقصد الهزل أثناء العقد ويكون هذا البيع بيع هزل، فإذا اختلف المتبايعان في البيع، هل هو هزل أو جد؟ فالقول لمدعي الجد مع يمينه، فإذا وجدت قرينة تدل على قصد الهزل في البيع كأن يباع الشيء بنقص فاحش جداً فالقول إذ ذاك لمدعي الهزل، أما إذا ادعى الهزل مشتر بعد أن دفع ثمن المبيع أو بعضه فدعواه غير مسموعة" (?).
وإذا كان الأمر كذلك، فالخلاف إنما هو في حالة قيام ما يدل على إرادة الهزل أو الاتفاق عليه بين المتعاقدين هل ينعقد العقد في مثل هذه الحالة، أو لا ينعقد؟ والذي يظهر لي أن القول الصواب مع قول من قال: لا ينعقد العقد لعدم وجود قصد البيع والرضا به، والله أعلم (?).