ولأن المجنون وغير المميز أقوالهما وأفعالهما ملغاة لا اعتداد بها شرعاً، فلا تصح بهما عبادة، ولا تجب بهما عقوبة، ولا ينعقد معهما بيع ولا شراء، ولا إجارة.
حتى تلك العبادات التي تصح من غير المميز كالحج والعمرة، لا تصح منه النية، وإنما ينوي عنه وليه.
وإذا لم يصح منهما قصدٌ (النية)، فكيف يقع منهما إيجاب أو قبول، وكيف يتصور وقوع الرضا منهما، وهو شرط أساسي في صحة العقود، ومنها الإجارة.
[م - 829] وأما البلوغ فهل يكون شرطاً للانعقاد؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
تصح إجارة الصبي المميز، ويكون موقوفًا على إجازة الوليّ، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية (?).
قال الكاساني في بدائع الصنائع: "وأما الصبي العاقل فتصح منه التصرفات النافعة بلا خلاف، ولا تصح منه التصرفات الضارة المحضة بالإجماع، وأما الدائرة بيّن الضرر والنفع، كالبيع، والشراء، والإجارة، ونحوها فينعقد عندنا موقوفًا على إجازة وليه، فإن أجاز جاز، وإن رد بطل. وعند الشافعي -رحمه الله- لا تنعقد أصلاً ... " (?).