مؤسسات أو شركات كبرى لبناء مصانع ضخمة، ونحو ذلك مما لم يكن له وجود في الماضي البعيد؟
فهل يبقى المتعاقد الملتزم على حدود عقده وأسعاره قبل تبدل الظروف وطروء التغييرات الكبيرة المشار إليها مهما تكبد في ذلك من خسائر ماحقة، أو ساحقة، تمسكًا بمقتضى العقد وحدوده في الأسعار والكميات، أو له مخرج وعلاج من فقه الشريعة الحكيمة السمحة العادلة يعيد كفتي الميزان إلى التعادل، ويحقق الإنصاف بقدر الإمكان بين الطرفين؟
وقد نظر مجلس المجمع في النظائر الفقهية ذات الصلة بهذا الموضوع من فقه المذاهب، واستعرض قواعد الشريعة ذات العلاقة مما يستأنس به، ويمكن أن يوصي بالحكم القياسي والاجتهاد الواجب فقهًا في هذا الشأن كما رجع إلى آراء فقهاء المذاهب فوجد ما يلي:
(1) إن الإجارة يجوز للمستأجر فسخها بالطوارئ العامة التي يتعذر فيها استيفاء المنفعة، كالحرب والطوفان ونحو ذلك، بل الحنفية يسوغون فسخ الإجارة أيضًا بالأعذار الخاصة بالمستأجر، مما يدل على أن جواز فسخها بالطوارئ العامة مقبول لديهم أيضاً بطريق الأولوية، فيمكن القول أنه محل اتفاق، وذكر ابن رشد في بداية المجتهد تحت عنوان: (أحكام الطوارئ) أنه: "عند مالك أن أرض المطر (أي البعلية التي تشرب من ماء السماء فقط) إذا كريت فمنع القحط من زراعتها، أو إذا زرعها المكتري، فلم ينبت الزرع لمكان القحط (أي بسببه) أن الكراء ينفسخ، وكذلك إذا استعذرت بالمطر حتى انقضى زمن الزراعة فلم يتمكن المكتري من زرعها" انتهى كلام ابن رشد (?).