وفي مذهب الشافعية جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي: "وسئل: بما لفظه تبايعا، وبينهما حائل يمنع رؤية الأشخاص لأسماع الأصوات هل يصح أو لا؟
فأجاب بقوله: نعم يصح؛ لأنهم لم يشترطوا إلا سماع كل كلام صاحبه، بل صرحوا بصحة بيع الأعمى وشرائه لما رآه قبل العمى ولنفسه، وبصحة تبايع الغائبين، نعم إن كان وراء الحائل جماعة اشترط تسمية المشتري حتى يتميز منهم" (?).
في قواعد المذهب الحنفي كانوا يقيسون الكتابة على اللفظ، ولذلك كان من قواعد الحنفية: "الكتاب من الغائب كالخطاب من الحاضر".
فما ثبت للأصل ثبت للفرع، فإذا كنا نشترط السماع في اللفظ، فلنثبت اشتراط العلم القائم مقام السماع للكتابة.
اشتراط السماع ليس مطلوبا لذاته، وإنما هو وسيلة للعلم بالرضا الذي هو شرط، فليس في القرآن ولا في السنة إناطة العقود بالكلام، ولا بالنطق، وإنما الذي جاء فيهما إناطة العقود بالتراضي، وقد أجمع الفقهاء على أن العلة الحقيقية هي الرضا, ولكن لما كان أمرا خفيًا لا يطلع عليه أقيم مقامه ما يدل عليه من سبب ظاهر، كاللفظ وغيره، فإذا كان سبب العدول عن الرضا النفسي إلى ما يدل عليه هو الاطلاع، وإذا كان الكلام الذي لا يسمع يستوي مع الرضا النفسي في عدم الاطلاع عليه، كان لا بد من السماع حتى يمكن الاطلاع عليه.