بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا هو المجلد الثامن من هذه الموسوعة، والعقد الثاني من عقود المعاوضات، وقد اخترت أن يكون عقد السلم هو العقد التالي لعقد البيع، وذلك لأن عقد السلم وإن أخذ اسمًا خاصًا إلا أنه بيع من البيوع، فهو بيع لشيء موصوف في الذمة، مؤجل التسليم، ويعتبر عقد السلم من أهم عقود المعاوضات؛ باعتباره البديل المتفق عليه للربا المحرم، ولم يختلف الفقهاء في جواز عقد السلم، وقد قال ابن عباس: لما حرم الله الربا أباح السلم (?).
وقال الرازي: جميع المنافع المطلوبة من الربا حاصلة في السلم (?).
لهذا عقدت فصلًا خاصًا بينت أهمية هذا العقد للمصارف الإِسلامية.
وقد ألحقت بعقد السلم بعض العقود المشابهة، من ذلك عقد الاستصناع، والمقاولة، والتوريد، والمناقصة.
وإنما ألحقت هذه العقود بعقد السلم؛ لأن الجمهور يرون الاستصناع من بيع السلم، ويطبقون عليه شروط السلام خلافًا للحنفية.
وعقد المقاولة هو عقد استصناع أيضًا إن كانت المواد من المقاول، لذا أتبعت عقد المقاولة بعقد الاستصناع، وما يقال في عقد المقاولة يقال في عقد التوريد، فعقد التوريد تارة يكون سلمًا، وتارة يكون استصناعًا كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.