وجه التفريق بين البائع والمشتري، أن البائع إذا كان ظالمًا، فإنه كان يمكنه إمضاء العقد، واستيفاء حقه، فإذا فسخ فقد تعدى، فلا ينفسخ العقد في الباطن، ولا يباح له التصرف في المبيع؛ لأنه غاصب.
وإن كان المشتري ظالمًا انفسخ البيع ظاهرًا وباطنا؛ لأن البائع لا يمكنه استيفاء حقه في العقد، فكان له الفسخ، كما لو أفلس المشتري.
إن فسخه الصادق منهما انفسخ ظاهرًا وباطنًا؛ لأن الفسخ يحل له، فانفسخ بالنسبة إليه.
وإن فسخه الكاذب عالمًا بكذبه لم ينفسخ في الباطن؛ لأنه لا يحل له الفسخ، فلم يثبت حكمه بالنسبة إليه، ويثبت بالنسبة إلى صاحبه، فيباح له التصرف فيما رجع إليه؛ لأنه رجع إليه بحكم الشرع من غير عدوان منه، فأشبه ما لو رد عليه المبيع بدعوى العيب، ولا عيب فيه.
بعد استعراض الأقوال أجد أن القول بأن الفسخ إن طالب به الصادق انفسخ ظاهرًا وباطنًا، وإن طالب به المعتدي لم ينفسخ في حقه في الباطن؛ لأنه ظالم ومعتد في تصرفه، بخلاف صاحبه، والله أعلم.
***